الموسوعة الفقهية

المطلب الرابع: الصِّفةُ الرَّابعة


إذا كان العدوُّ في غير جِهة القِبلة يَقسمهم الإمامُ طائفتين: طائفة تَحرُس، وطائفة يُصلِّي بها ركعةً تنوى مفارقتَه، وتُتمُّ لنفسها ركعةً، ثم تتشهَّد وتُسلِّم، وتَحضُر الطائفةُ الأخرى فتُصلِّي معه الثانيةَ، فإذا جلَس للتشهُّدِ أتمَّت لنفسها ركعةً أخرى، ويُكرِّر الإمامُ التشهُّدَ فإذا تَشهَّدتْ سَلَّم بهم؛ لأنَّها مؤتمةٌ به، فالأولى أدركتْ معه فضيلةَ الإحرام، والثانية فضيلةَ السَّلام، وهذه الصِّفةُ نصَّ عليها الشافعيَّةُ ((المجموع)) للنووي (4/408). ، والحَنابِلَةُ ((الإقناع)) للحجاوي (1/186)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/13)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/298). ، وهو قولٌ قديمٌ لمالكٍ قال ابنُ عبد البَرِّ: (كان مالكٌ يقول بحديثه عن يَزيد بن رُومان: أنَّ الإمام ينتظر تمامَ الطائفة الثانية ويُسلِّم بهم، وهو قولُ الشافعيِّ واختيارُه، ثم رجَع مالكٌ عن ذلك إلى حديثِ يَحيى بن سعيدٍ، عن القاسمِ: أنَّ الإمام يُسلِّم إذا أكمل صلاتَه، ويقوم مَن وراءَه فيأتون بركعةٍ ويُسلِّمون، وقد زاد ابن القاسم في ((الموطأ)) في آخِر حديثِ يحيى بن سعيد: وقال مالك: هذا الحديثُ أحبُّ إليَّ، قال أحمد بن خالد: وبه قال جماعةُ أصحاب مالك إلَّا أشهب؛ فإنَّه أخذ بحديث ابن عمر في صلاة الخوف، ومِن حُجَّة مالك في اختياره حديثَ القاسم بن محمَّد: القياسُ على سائرِ الصلوات في أنَّ الإمام ليس له أن ينتظرَ أحدًا سبَقَه بشيءٍ، وأنَّ السُّنة المجتمَع عليها أن يَقضي المأمومون ما سُبِقوا به بعدَ سلام الإمام) ((الاستذكار)) (2/402)، وينظر: ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/176)، ((التاج والإكليل)) للمواق (2/187).
الأدلَّة:
أولًا: من الكتاب
قوله تعالى: وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ [النساء: 102]
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
فيه دَلالةٌ على أنَّ صلاتهم كلَّها معه، وتحصُل المعادلةُ بينهما؛ فإنَّ الأُولى أدركتْ معه فضيلةَ الإحرام، والثانية فضيلةَ السَّلام ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/14).
ثانيًا: من السُّنَّة
عن صالح بنِ خَوَّات ابنِ جُبَير، عمَّن صلَّى مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ ذات الرِّقاع صلاةَ الخوف: ((أنَّ طائفةً صَفَّت معه، وطائفةً وِجاهَ العدوِّ فصلَّى بالتي معه ركعةً، ثم ثبَت قائمًا وأتمُّوا لأنفسهم، ثم انصرفوا وصفُّوا وجاهَ العدوِّ، وجاءتِ الطائفةُ الأخرى فصلَّى بهم الركعةُ التي بَقِيتْ من صلاتِه، ثم ثبَت جالسًا، وأتمُّوا لأنفسهم، ثم سَلَّم بهم )) أخرجه البخاري (4129)، ومسلم (842).

انظر أيضا: