الموسوعة الفقهية

المبحثُ الأَوَّلُ: حُكْمُ قيام المريضِ العاجِزِ عن القيامِ


مَن لم يستطعِ القيامَ- كالمريضِ ونحوِه- فله أن يُصلِّيَ جالسًا وله أن يُصَلِّيَ على كرسيٍّ إن كان أرفَقَ به، ويركع ويسجد في الهواء، ويجعل السُّجودَ أخفَضَ من الركوع إذا كان لا يستطيع السُّجودَ على الأرض. قال ابن باز: (الواجِبُ على من صلى جالسًا على الأرض، أو على الكرسي، أن يجعل سجودَه أخفَضَ من ركوعِه، والسُّنَّة له أن يجعل يديه على ركبتيه في حالِ الرُّكوع، أما في حال السجودِ فالواجب أن يجعلهما على الأرضِ إن استطاع، فإن لم يستطع جعَلَهما على ركبتيه؛ لِمَا ثبت عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنه قال: «أُمِرْتُ أن أسجُدَ على سبعةِ أعظُمٍ:الجبهةِ- وأشار إلى أنفِه، واليدين، والرُّكبتينِ، وأطراف القَدَمين». ومن عَجَزَ عن ذلك وصلَّى على الكرسي فلا حَرَجَ في ذلك) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (12/246). وجاء في فتوى اللجنة الدائمة: (العاجِزُ عن القيام يصلِّي قاعدًا على الأرض أو على كرسي إن كان أرفَقَ به، ويركع ويسجد في الهواء، ويجعل السجودَ أخفَضَ من الركوع إذا كان لا يستطيعُ السُّجودَ على الأرض، ولا يُشرَع له اتخاذ ماصة ووِسادَة يُسجَد عليها) ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الثانية)) (6/360). ، ولا إعادةَ عليه.
الأدلَّة:
أولًا: مِن الكتابِ
1- قال اللهُ تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16]
2- وقال تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286]
3- الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ [آل عمران: 191]
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّه قيل في معنى الآيةِ: الَّذين يُصلُّون قيامًا مع القدرةِ عليه، وقعودًا مع العجزِ عن القيامِ، وعلى جنوبِهم مع العجزِ عن القعودِ ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/196).
ثانيًا: من السُّنَّة
عن عِمرانَ بنِ حُصَينٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كانت بي بواسيرُ، فسألتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن صلاةٍ، فقال: صلِّ قائمًا، فإن لم تستطِعْ فقاعدًا، فإن لم تستطِعْ فعلى جَنبٍ )) رواه البخاري (1117).
ثالثا: مِنَ الِإِجْماع
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذِرِ قال ابنُ المنذِر: (وأجمع أهلُ العلم على أنَّ فرض مَن لا يُطيق القيام أن يصلِّي جالسًا). ((الإشراف)) (2/212). ، وابن رُشدٍ قال ابنُ رشد: (وأجمَع العلماء على أنَّ المريض مخاطَب بأداء الصَّلاة، وأنه يسقط عنه فرضُ القيام إذا لم يستطعْه، ويُصلِّي جالسًا). ((بداية المجتهد)) (1/178). ، والنَّوويُّ قال النَّوويُّ: (أجمعتِ الأمَّةُ على أن من عجز عن القيامِ في الفريضة صلَّاها قاعدًا، ولا إعادةَ عليه) ((المجموع)) (4/310). ، وابنُ تيميَّةَ قال ابنُ تَيميَّة: (وقد اتَّفَق المسلمونَ على أن المصليَ إذا عجز عن بعض واجباتِها- كالقيام، أو القراءة، أو الركوع، أو السجود، أو سَتر العورةِ، أو استقبال القبلة، أو غير ذلك- سقَط عنه ما عجز عنه، وإنما يجب عليه ما إذا أراد فِعْلَه إرادةً جازمةً أمكَنَه فِعْلُه) ((مجموع الفتاوى)) (8/438).

انظر أيضا: