الموسوعة الفقهية

المطلب السَّادس: ألَّا يكون محترَمًا


يُشترَط فيما يُستجمَرُ به ألَّا يكون مُحتَرَمًا، كالأوراق التي فيها ذِكرُ اللهِ، أو الطَّعامِ، ونحوِ ذلك، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((حاشية ابن عابدين)) (1/339، 340)، وينظر: ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/100). ، والمالكيَّة ((حاشية العدوي)) (1/177)، ((الشرح الكبير)) للشيخ الدردير و((حاشية الدسوقي)) (1/113). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/119)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/43، 44). ، والحنابلة ((الفروع)) لابن مفلح (1/141)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/69).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
قول الله تعالى: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج: 32]
وقوله تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِندَ رَبِّهِ [الحج: 30]
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن ابنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أتاني داعي الجنِّ فذهبتُ معه فقرأتُ عليهم القرآنَ. قال: فانطلقَ بنا فأرانا آثارَهم وآثارَ نِيرانِهم، وسألوه الزَّادَ، فقال: لكم كلُّ عظمٍ ذُكِرَ اسمِ اللهِ عليه يقَع في أيديكم أوفرَ ما يكونُ لحمًا، وكلُّ بَعرةٍ علَفٌ لدوابِّكم. فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فلا تَستنجُوا بهما؛ فإنَّهما طعامُ إخوانِكم )) رواه مختصرًا البخاري (3859)، ومسلم (450) واللفظ له.
وجه الدَّلالة:
أنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى أن يُستنجَى بالعَظمِ، والرَّوْثِ؛ لأنَّهما طعامُ الجنِّ ودوابِّهم. والإنسُ أفضلُ، فيكون النهيُ عن الاستجمارِ بطعامِهم وطعامِ بهائِمِهم مِن بابِ أوْلى قال النووي: (أمَّا العَظمُ؛ فلكونه طعامًا للجنِّ، فنبَّه على جميعِ المطعومات، وتلتحِقُ به المحتَرَمات كأجزاءِ الحَيوانِ وأوراقِ كتُبِ العِلمِ، وغير ذلك). ((شرح النووي على مسلم)) (3/157)، وينظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (1/256)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/135).
2- عن المغيرةِ بنِ شُعبة رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ اللهَ حرَّم عليكم: عقوقَ الأمَّهاتِ، ووَأْدَ البناتِ، ومَنْعَ وهاتِ، وكرِه لكم: قيل وقال، وكثرةَ السُّؤال، وإضاعةَ المال )) رواه البخاري (2408)، ومسلم (593)
وجه الدَّلالة:
أنَّ في الاستنجاءِ بالمُحتَرَم كالطَّعامِ ونحوِه، إضاعةً للمالِ ((فتح الباري)) لابن حجر (1/256).
ثالثًا: أنَّ في الاستنجاءِ بالكتُبِ التي فيها ذِكرُ اللهِ تعالى هَتكًا للشَّريعةِ، واستخفافًا بحُرمَتِها ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (34/181).
رابعًا: أنَّ في الاستنجاءِ بالطَّعامِ كُفرًا بالنِّعمةِ؛ لأنَّ الله تعالى خلَقَها للأكلِ، ولم يخلُقْها لأجْلِ أن تُمتهَنَ هذا الامتهانَ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/135).

انظر أيضا: