الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الأوَّل: المَطَرُ


مِن الأعذارِ المسقطةِ لصلاةِ الجماعةِ قال النوويُّ: (حضورُ الجماعة يَسقُط بالعُذر بإجماع المسلمين). ((شرح النووي على مسلم)) (5/155). : وجودُ المطرِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة [4212] ((تبيين الحقائق للزيلعي، مع حاشية الشلبي)) (1/133)، ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 199). ، والمالِكيَّة [4213] ((التاج والإكليل)) للمواق (2/182)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/90). ، والشافعيَّة [4214] ((روضة الطالبين)) للنووي (1/344)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/234). ، والحَنابِلَة [4215] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/212)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/497). ، وحُكي الإجماعُ على ذلك [4216] قال ابنُ بطَّال: (أجمَع العلماءُ على أنَّ التخلُّف عن الجماعات في شدَّة المطر والظُّلمة والرِّيح، وما أشبه ذلك، مباحٌ بهذه الأحاديث). ((شرح صحيح البخاري)) (2/291).
الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
1- عن نافعٍ، قال: ((أذَّن ابنُ عمرَ في ليلةِ باردةِ بضَجَنانَ [4217] ضَجَنان- بفتح الضاد والجيم، ورُوي بسُكون الجيم-: جبل بناحية تهامة. وقيل: ضجنان جُبيل على بريد من مكَّة، وهناك الغميم في أسفله مسجدٌ صلَّى فيه رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وله ذِكر في المغازي، وقال الواقدي: بين ضجنان ومكَّة خمسة وعشرون ميلًا. ((معجم البلدان)) لياقوت (3/453). ، ثم قال: صلُّوا في رِحالكم، فأخبَرَنا أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يأمُرُ مؤذِّنًا يؤذِّن، ثم يقول على إثره: ألَا صَلُّوا في الرِّحال، في الليلةِ الباردةِ، أو المطيرةِ في السَّفر )) رواه البخاري (632)، ومسلم (697).
2- عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّه قال لمؤذِّنه في يومٍ مطيرٍ: (إذا قلتَ: أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا الله، أشهدُ أنَّ محمدًا رسولُ الله، فلا تقُلْ: حيَّ على الصَّلاة، قلْ: صلُّوا في بُيوتِكم)، قال: فكأنَّ الناسَ استنكروا ذاك، فقال: (أَتَعْجَبونَ مِن ذا؟! قد فعَل ذا مَن هو خيرٌ منِّي "أي: رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"؛ إنَّ الجُمُعةَ عَزْمةٌ، وإنِّي كرهتُ أنْ أُحرجَكم قال النووي: (أحرجكم هو بالحاء المهملة من الحرج وهو المشقة هكذا ضبطناه وكذا نقله القاضي عياض عن رواياتهم). ((شرح النووي على مسلم)) (5/207). فتمشوا في الطِّينِ والدَّحْض ) رواه البخاري (901)، ومسلم (699).
3- أن عِتْبانَ بنَ مالكٍ- وكان مِن أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ممَّن شَهِدَ بدرًا مِن الأنصارِ-: أنَّه أتى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: ((يا رسولَ اللهِ، إنِّي أَنْكَرْتُ بصري، وأنا أُصلِّي لقومي، فإذا كانتِ الأمطاُر سال الوادي الذي بيني وبينَهم، لم أَسْتَطَعْ أن آتي مسجدَهم لأُصَلِّيَ لهم، فودَدْتُ يا رسولَ اللهِ، أنَّك تأتي فتُصَلِّي في بيتي؛ فأَتَّخِذُه مُصَلًّى، فقال: سأَفْعَلُ إن شاءَ اللهُ )) رواه البخاري (5401) ومسلم (33).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
قوله: (فإذا كانتِ الأمطاُر سال الوادي الذي بيني وبينَهم، لم أَسْتَطَعْ أن آتي مسجدَهم لأُصَلِّيَ لهم) فيه أنَّ المطر عُذْرٌ في التخلُّف عن الجماعةِ ((فتح الباري)) لابن حجر (1/522).

انظر أيضا: