الموسوعة الفقهية

المطلب الثاني: انتقالُ المأمومِ للتطوُّعِ من مكانِ الفرضِ


الأفضلُ للمأمومِ أنْ يَنتقِلَ عن موضعِه إذا أراد أن يُصلِّي النافلةَ، وهو مذهبُ المالِكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/436) ((حاشية العدوي على شرح مختصر خليل للخرشي)) (2/30). ، والحَنابِلَة ((الإقناع)) للحجاوي (1/173)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/493). ، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلف وهو مرويٌّ عن عطاء، والشعبي، وعقبة بن عبد الغافر، وحسَّان بن بلال، وصفوان بن محرز. ينظر: ((مصنف ابن أبي شيبة)) (1/469)، ((فتح الباري)) لابن رجب (5/264). ، واختاره الشوكانيُّ قال الشوكانيُّ: (الحديثان يدلَّان على مشروعيَّة انتقال المصلِّي عن مصلاه الذي صلَّى فيه لكلِّ صلاة يفتتحها من أفراد النوافل؛ أمَّا الإمام فبنصِّ الحديث الأوَّل، وبعموم الثاني. وأمَّا المؤتم والمنفرد فبعموم الحديثِ الثاني، والقياس على الإمام؛ والعلة في ذلك تكثيرُ مواضع العبادة كما قال البخاريُّ والبغويُّ؛ لأنَّ مواضع السجود تشهد له...). ((نيل الأوطار)) (3/235). ، وابنُ عُثَيمين قال ابنُ عثيمين: (قيامهم من مكانِ صلاة الفريضة إلى مكان آخَر لأداء السُّنة هذا من الأمور المشروعة؛ لأنَّ معاويةَ رضي الله عنه قال: «أمَرَنا رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن لا نصِلَ صلاةً بصلاة حتى نخرج أو نتكلَّم»، وللشارع نظر في التفريق بين التطوُّع والنفل والتعبُّد بالفريضة؛ فهذا منه لأجْل أن تتميَّز الفريضة عن النافلة بالقيام من المكان أو بالتحدُّث مع أحد؛ حتى يعرف التميُّز بينهما والفرق بينهما). ((الموقع الرسمي للشيخ محمد بن صالح العثيمين)). وقال أيضًا: (ذكَر الفقهاءُ رحمهم الله أنَّه يُسنُّ للإنسان أن يفصل النافلةَ عن الفريضة، إمَّا بكلام، أو بانتقال من موضعه، لحديث معاوية قال: «أمَرَنا رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن لا نصِلَ صلاة بصلاة، حتى نخرُجَ أو نتكلَّم»، وعلى هذا فالأفضلُ أن تُفصَل بين الفرض والسُّنة) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (14/354).
أولًا: من السُّنة
عن عَمرِو بنِ عطاءٍ رحمه الله، أنَّ نافعَ بنَ جُبَيرٍ أرسله إلى السائبِ ابنِ أُخت نَمِر، يسألُه عن شيءٍ رآه منه معاويةُ في الصَّلاةِ، فقال: ((نعَمْ؛ صليتُ معه الجُمعةَ في المقصورةِ، فلمَّا سلَّم الإمامُ قمتُ في مقامي فصليتُ، فلمَّا دخَلَ أرسل إليَّ، فقال: لا تَعُدْ لِمَا فعلتَ؛ إذا صليتَ الجُمُعةَ فلا تَصِلْها بصلاةٍ حتى تَكلَّمَ أو تخرُجَ؛ فإنَّ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَنا بذلك؛ أنْ لا تُوصَلَ صلاةٌ حتى نتكلَّمَ أو نَخرُجَ )) رواه مسلم (883).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
 أنَّ قوله: (أو تخرُج) أفاد أنه يَتنحَّى من مكانِه ((فتح الباري)) لابن حجر (2/335).
ثانيًا: لأجْلِ أن تتميَّزَ الفريضةُ عن النافلةِ بالقيامِ من المكانِ، أو بالتحدُّثِ مع أحدٍ حتى يعرفَ التميُّز بينهما، والفَرْق بينهما ((الموقع الرسمي للشيخ محمد بن صالح العثيمين)).

انظر أيضا: