الموسوعة الفقهية

المبحث الثامن: الإتيانُ بذِكرٍ مَشروعٍ لسببٍ خارجٍ عن الصَّلاةِ


لا تَبطُل الصَّلاةُ بالتسبيح، أو الأدعية، إذا لم يكُن فيها خطابٌ لمخلوقٍ، مثل أنْ يَعطِسَ فيَحمَدَ اللهَ، أو يرَى ما يَغمُّه فيقول: (إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون)، أو يرَى عجبًا فيقول: (سبحان الله) وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحنفيَّة قيَّد الحنفيَّةُ عدم إبطال الصَّلاة بأنْ لا يريد جوابًا لغيره. يُنظر: ((تبيين الحقائق للزيلعي وحاشية الشلبي)) (1/ 154) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/235)، ((المحيط البرهاني)) لابن مازة (1/384). ، والمالكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق (2/30)، وينظر: ((البيان والتحصيل)) لابن رشد الجد (2/120). ، والشافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (1/292)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/197). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/381)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/43).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
عن سهلِ بن سعدٍ الساعديِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذهَب إلى بني عمرِو بنِ عوفٍ؛ ليصلحَ بينهم، فحانت الصَّلاةُ، فجاء المؤذِّنُ إلى أبي بكرٍ، فقال: أتُصلِّي بالناسِ فأُقيمَ؟ قال: نعمْ، قال: فصلَّى أبو بكر، فجاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والناسُ في الصَّلاة، فتخلَّص حتى وقَف في الصفِّ، فصَفَّق الناسُ، وكان أبو بكرٍ لا يلتفتُ في الصَّلاة، فلمَّا أكْثَرَ الناسُ التصفيقَ الْتَفتَ فرأى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأشارَ إليه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنِ امكُثْ مكانَك، فرفع أبو بكر يديه، فحَمِدَ اللهَ عزَّ وجلَّ على ما أمَرَه به رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من ذلِك، ثمَّ استأخَر أبو بكرٍ حتى استوى في الصفِّ، وتقدَّم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فصلَّى، ثم انصرَف، فقال: يا أبا بكرٍ، ما منعك أن تَثبُتَ إذ أمرتُك؟ قال أبو بكرٍ: ما كان لابنِ أبي قُحافةَ أنْ يُصلِّي بين يدي رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم )) رواه البخاري (684)، ومسلم (421).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ أبا بكرِّ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللهُ عَنْه رفَعَ يديه في الصَّلاة وحَمِد اللهَ لَمَّا أمَرَه عليه السلام بالمُكث في موضعِه ((الذخيرة)) للقرافي (2/144).
ثانيًا: أنَّه مناجاةٌ لله، فهو من جِنس الدُّعاءِ ((نهاية المحتاج)) للرملي (2/44).
ثالثًا: أنَّ ما لا يُبطِل الصَّلاةَ ابتداءً لا يُبطلها إذا أتى به عقيبَ سبب، كالتسبيح لتنبيه إمامِه ((المغني)) لابن قدامة (2/43).

انظر أيضا: