الموسوعة الفقهية

المبحث السادسُ: ما يقطَعُ مرورُه الصَّلاةَ


مُرورُ المرأةِ والكلبِ الأسودِ والحمارِ، بين يَدَي المصلِّي يُبطِلُ صلاتَه، وهو روايةٌ عن أحمدَ [2646] قال المرداويُّ: (...والرِّواية الثانية: تَبطُل؛ اختارها المجدُ، ورجَّحه الشارح، وقدمه في المستوعب، وابن تميم، وحواشي ابن مفلح، وجزم به ناظمُ المفردات، وهو منها، واختاره الشيخ تقيُّ الدِّين، وقال: هو مذهب أحمد). ((الإنصاف)) (2/78). والمذهبُ أنَّ مرورَ الكلبِ الأسودِ البهيم يُبطل الصلاةَ، أمَّا مرور المرأة والحمار فلا يُبطلها. ينظر: ((الإنصاف)) للمرداوي (2/77). ، وقولُ طائفةٍ من السَّلفِ وأصحابِ الحديثِ [2647] قال ابنُ المنذِر: (وقالتْ طائفةٌ: يَقطعُ الصلاةَ الكلبُ الأسودُ، والمرأة الحائض، والحمار؛ هذا قولُ طائفةٍ من أصحابِ الحديث) ((الأوسط)) (5/92). وقال ابنُ عبد البَرِّ: (فقالت طائفة: يقطع الصلاةَ على المصلِّي إذا مر بين يديه الحمارُ والكلب والمرأة، وممَّن قال بها: أنسُ بن مالك، وأبو الأحوص، والحسن البصري، وحُجَّتهم حديثُ أبي ذرٍّ، وحديثُ ابن عباس بذلك عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) ((الاستذكار)) (2/84). وقال ابنُ خُزيمةَ: (والخبر ثابت صحيحٌ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنَّ الكلب الأسود، والمرأة الحائض، والحمار، يَقطعُ الصلاةَ، وما لم يثبتْ خبرٌ عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بضدِّ ذلك لم يجُزِ القولُ والفتيا بخلافِ ما ثبَتَ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) ((صحيح ابن خزيمة)) (2/23). ويُنظر: ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (2/141)، ((فتح الباري)) لابن رجب (4/115). ، واختارَه ابنُ المنذرِ [2648] قال ابنُ المنذِر: (أمَّا حُجَّة مَن قال: «يقطعُ الصلاةَ الكلبُ، والمرأة، والحمار»، فظاهرُ خبر عُبَيد الله بن الصَّامت، عن أبي ذرٍّ، قال: وهو خبر صحيح لا عِلَّة له، فالقولُ بظاهره يجِبُ، وليس ممَّا يثبُت عن رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلَّا التسليمُ له، وتركُ أن يُحمَل على قياسٍ أو نظر) ((الأوسط)) (5/94). ، وابنُ حزمٍ [2649] قال ابنُ حزم: (ويَقطعُ صلاةَ المصلِّي كونُ الكلبِ بين يديه، مارًّا أو غير مار، صغيرًا أو كبيرًا، حيًّا أو ميتًا، أو كون الحمار بين يديه كذلك أيضًا، وكون المرأة بين يدي الرَّجُل) ((المحلى)) (2/320). ، وابنُ تيميَّة [2650] قال ابنُ تَيميَّة: (والصَّواب: أنَّ مرور المرأة والكلب الأسود والحمار بين يَدي المصلِّي دون سُترته يقطعُ الصلاةَ) ((المستدرك على مجموع الفتاوى)) (3/99). ، وابنُ القيِّم [2651] قال ابنُ القيِّم: (صحَّ عنه أنه يقطع صلاتَه: المرأةُ والحمارُ والكلبُ الأسود، وثبَت ذلك عنه من رواية أبي ذرٍّ، وأبي هُرَيرة، وابن عباس، وعبد الله بن مُغفَّل. ومعارضُ هذه الأحاديثِ قِسمانِ: صحيحٌ غيرُ صريح، وصريحٌ غير صحيح؛ فلا يُترك العملُ بها لمعارض هذا شأنُه) ((زاد المعاد)) (1/306). والشوكانيُّ [2652] قال الشوكانيُّ: (إذا تقرَّر لك ما أسلفنا عرفتَ أنَّ الكلبَ الأسودَ والمرأة الحائض يقطعانِ الصلاة، ولم يعارض الأدلَّة القاضية بذلك معارضٌ إلَّا ذلك العمومُ على المذهب الثاني، وقد عرفتَ أنَّه مرجوح) ((نيل الأوطار)) (3/18). ، وابنُ باز [2653] قال ابنُ باز: (يَقطعُ الصلاةَ: المرأةُ، والحمارُ، والكلب الأسود، كما صحَّت بذلك الأحاديث) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (11/90). ، وابنُ عُثَيمين [2654] قال ابنُ عثيمين: (المرأة، والكلب الأسود، والحمار إذا مرَّ واحد منها بين المصلِّي وبين سُترته، بطَلت الصلاة، ووجَب استئنافُها من جديد) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (13/318).
الأدلَّة من السُّنَّة:
1- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يَقطَعُ الصَّلاةَ: المرأةُ، والحمارُ، والكلبُ، ويقِي ذلك مِثلُ مُؤْخِرةِ الرَّحلِ )) رواه مسلم (511).
2- عن أبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((إذا قامَ أحدُكم فصَلَّى فإنَّه يَستُرُه إذا كان بَينَ يَديهِ مِثلُ آخِرَةِ الرَّحلِ، فإذا لم يكُنْ بَينَ يَديهِ مِثلُ آخِرَةِ الرَّحلِ فإنَّه يَقطَعُ صلاتَه: الحمارُ، والمرأةُ، والكلبُ الأسودُ )) رواه مسلم (510).
3- عن أبي ذرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((تُعادُ الصلاةُ من ممرِّ الحمارِ، والمرأةِ، والكلبِ الأسودِ))، قلت: ما بالُ الأسودِ من الكلبِ الأصفرِ، من الكلبِ الأحمرِ؟! فقال: سألتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كما سألتَني، فقال: ((الكلبُ الأسودُ شَيطانٌ)) رواه ابن خزيمة (831)، وابن حبان (2391). قال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (3323): (إسناده صحيح رجاله ثقات رجال مسلم).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ تَصريحَه بالإعادةِ المفسِّر للفظ: (يَقطَعُ) يدلُّ على البُطلانِ ((السلسلة الصحيحة)) للألباني (13/126).

انظر أيضا: