قراءة وتعريف

المرأةُ واتفاقيَّةُ القضاء على جميعِ أشكال التَّمييزِ ضِدَّها (سيداو)
book
محمد محمود الطرايرة
عنوان الكتاب: المرأةُ واتفاقيَّةُ القضاء على جميعِ أشكال التَّمييزِ ضِدَّها (سيداو)
اسم المؤلف: د.محمد محمود الطرايرة
الناشر: مركز باحثات لدراسات المرأة
سنة الطبع: 1436
عدد الصفحات:160

التعريف بموضوع الكتاب:

عانَتِ المرأةُ قرونًا طويلةً مِنَ الزَّمن، في ظلِّ حضاراتٍ وأنظمةٍ ابتعدَتْ عن هدْيِ السَّماءِ، فجاء الإسلامُ لِيُبَيِّن ما لها من حقوقٍ وما عليها من واجباتٍ، وَفقًا لأساسِ العَدلِ الذي قامت عليه السَّمواتُ والأرضُ، وقد خرج علينا في العصر الحديثِ مَن يزعُمُ أنَّه يمتلِكُ نظامًا جديدًا قادرًا على تلبيةِ حاجاتِ المرأةِ وتحقيقِ ذاتها، من خلال إزالةِ الفَوارِق بينها وبين الرَّجُل، وتحقيقِ المساواةِ المُطلَقة بينهما، ومن ذلك اتفاقيَّةُ (سيداو) الدَّاعيةُ لإزالة كلِّ الفوارِق بين الذَّكَر والأنثى، وكان مصطَلَح (الجندر) الْمُحدَث، أداةً من أدواتِ تحقيقِ المساواةِ المطلَقة.  
 

وكتاب هذا الأسبوع حلقةٌ مِن حلقاتِ الصِّراعِ بين الحقِّ والباطِلِ، حاول فيها المؤلِّفُ أن يَعرِضَ بنودَ اتِّفاقيَّة (سيداو) ومصطلح (الجندر) على الكتابِ والسُّنة والعَقلِ والعِلم؛ ليُبَيِّنَ بأسلوبٍ علميٍّ سقوطَ هذه الدعوى- المساواةِ المُطلَقَة- ويطالِبَ بالتبرُّؤِ منها، وممَّا حمَلَته من طامَّاتٍ في ثناياها.
 

وقد قسَّم المؤلفُ كتابَه إلى مقدِّمة وثلاثة مباحث وخاتمة

فتناول في المقدِّمة مبرِّراتِ البحث وأهمِّيتَه، ومنها:

  • بيانُ ما تتعرَّضُ له المنظومةُ الاجتماعيَّة مِن محاولاتِ اختراقٍ، تسعى لهَدمِها وإلغاءِ هُوِيَّتِها الحضاريَّة الإسلاميَّة، أو تذويبِها.
  • توضيحُ خُطورةِ بُنودِ اتِّفاقية (سيداو) واستخدام مصطلح (الجندر) على المرأة المُسلمة، خاصَّةً فيما يتعلَّقُ بتغييرِ الأنماطِ الاجتماعيَّةِ والثقافيَّة لسُلُوكِ المرأة.
  • المحافظةُ على القِيَمِ والسُّلوكيَّاتِ الإيجابيَّة للمرأةِ المُسلِمة من العولَمة الثَّقافية، التي تتَّخِذُ مِنَ المُصطلحاتِ طريقًا لتحقيقِ غاياتها.

وقد تحدَّثَ الباحِثُ عن منهجِيَّتِه في البحثِ، فذكر أنَّ الدِّراسةَ تقومُ على المنهَجِ العِلميِّ القائِمِ على الاستقراءِ والتَّحليل والنَّقد.
 

ثم بدأ المؤلِّفُ في عَرض مباحِثِ الكتاب، فتناول في المبحث الأول مفهومَ اتِّفاقيَّةِ (سيداو) والبروتوكول المُلحَق بها وأنَّها تعني: القضاءَ على كافَّةِ أشكالِ التَّمييزِ ضِدَّ المرأةِ، وأشار إلى أنَّها اتفاقيَّةٌ تحوي ثلاثين بندًا، اعتمَدَتْها الجمعيَّةُ العامَّة للأمم المتحدة عام 1979، ودخَلَت حَيِّزَ التَّنفيذ بوَصفِها اتِّفاقيَّةً دوليةً عام 1981، أمَّا البروتوكول المُلحَق بها فهو اتِّفاقيَّة صدرت عام 1999 مُلحقًا اختياريًّا لاتفاقيَّة (سيداو) تهدُف إلى زيادةِ تفعيلِ العَمَل بقرارات (سيداو) ومُراقبة ذلك.

أما مصطلح (الجندر) فهو كلمةٌ تُرادِفُ عبارة (النَّوع الاجتماعي) وظهَرَت لأوَّلِ مرَّةٍ في الثمانينيَّات بوصفِها مصطلحًا بارزًا في قاموس الحَرَكات النِّسْويَّة.
 

وذكر المؤلِّفُ أنَّ (سيداو) تُعدُّ مِن أهَمِّ الاتِّفاقياتِ الدَّوليَّة فيما يتعلَّقُ بالمرأةِ؛ لانضمامِ جميعِ الدُّولِ الأعضاءِ في الأمَمِ المتَّحدة لهذه الاتفاقيَّة ما عدا تسعَ دُولٍ، وكذلك لانضمامِ أكثَرِ الدُّوَلِ العربيَّةِ والإسلاميَّةِ لهذه الاتفاقيَّة، والتزامِهم بتطبيقِ بُنودِها.
 

وأشار الباحِثُ إلى أنَّ الناظِرَ في بنودِ اتفاقيَّة (سيداو) يجدُها مخالِفةً للشَّريعةِ الإسلاميَّة جملةً وتفصيلًا، بل إنَّ جَوهرَ الاتفاقيَّةِ القائِمَ على إزالةِ الفوارقِ بين الذَّكَر والأنثى؛ مصادِمٌ لنُصوصٍ شرعيَّةٍ واضحةٍ.

 ثم قام الباحِثُ بوصفِ الاتفاقيَّة والبروتوكول المُلحَق بها بتقسيمِها إلى ثلاثِ مجموعاتٍ:
 

المجموعة الأولى: البنود من (1-5) وهي البنود الأساسيَّة، وأشارت هذه البُنودُ إلى ضرورةِ اتِّخاذِ التَّدابيرِ الخاصَّة والمؤقَّتة لمكافحة التَّمييزِ.
 

المجموعة الثانية: بنودٌ وضَّحَت الوسائِلَ والمجالاتِ التي تتطَلَّعُ الاتفاقيَّةُ لتحقيقِ المساواةِ فيها بين الجنسينِ، وذلك في الموادِّ من (6-16).
 

المجموعة الثالثة: بنودٌ وضَعَتِ الآليَّةَ الخاصَّةَ بتطبيقِ بنودِ هذه الاتفاقيَّة، وهي من (17-30).
 

ثم تكلَّمَ في المبحث الثاني حولَ المساواةِ المُطلَقة بين الذَّكَر والأنثى عند أصحابِها، وفي الفكرِ الإسلاميِّ،

فتحدَّثَ عن أسبابِ نُشوءِ فكرةِ المساواةِ، والتي أوجَزَها الباحِثُ في سببين:
 

السبب الأول: نظرة المصادِر الدينيَّة اليهوديَّة والمسيحيَّة والتُّراث الغربي إلى المرأة، فالمرأةُ عندهم هي أصلُ الخطيئةِ، حتى وصل بهم الاعتقادُ إلى أنَّ المرأةَ جسَدٌ به روحٌ دنيئةٌ خاليةٌ مِنَ الرُّوحِ النَّاجية، واستثنوا من ذلك مريمَ؛ لأنَّها أمُّ المسيحِ.
 

السبب الثاني: هو ما وصلَت إليه المرأةُ الغربيَّةُ من حالٍ انتُقِصَت فيه كرامَتُها الإنسانيَّة وحقوقُها، وهذا حتى عهد قريبٍ؛ حيث كانت المرأةُ  في واقعِها لا تعدو أن تكون سلعةً رخيصةً يتاجِرُ بها الرَّجل، ولا حقوقَ لها.
 

ثم تناولَ المساواةَ بين الذَّكَر والأنثى في الشَّريعة الإسلاميَّة، مبينًا مكانةَ المرأةِ في الإسلامِ، وكيف نظر الشَّرعُ إلى فكرةِ المساواةِ، وقدَّمَ لذلك الأمرِ ببيانِ حالِ المرأةِ في الحضاراتِ السَّابقةِ قبل الإسلامِ، وبيَّنَ أنَّ الصينيِّينَ والإغريقَ والهنودَ القُدماء، كانوا يعتَبِرونَ المرأةَ لا قيمةَ لها، واعتبَرَها الرومانُ أداةَ غِوايةٍ، وكانت تُباع وتشترى، وكذلك عند العرب قبل الإسلامِ؛ فقد كانت جزءًا من متاعِ الرَّجلِ وثَروَتِه.
 

ثم قام بعَرضِ مكانةِ المرأةِ في الإسلام، وأكَّدَ أنَّ الإسلامَ لم ينظُرْ للمرأةِ بعيدًا عن مُحيطِها الذي تعيشُ فيه، وبعيدًا عمَّا أوجَدَه اللهُ فيها مِن قُدُراتٍ ومُيولاتٍ واستعداداتٍ، وأنَّ الإسلامَ انطلقَ في بيانِ حُقوقِ المرأةِ مِن مبدأِ العَدلِ لا المساواةِ، على أنَّ المساواةَ في بعضِ مجالاتها، قد تُحَقِّقُ العدلَ الذي قامت عليه أحكامُ الشَّريعةِ.
 

ثم إنَّ الإسلامَ كرَّمَ المرأةَ، وجاء في حقِّها كثيرٌ مِنَ السُّورِ والآياتِ، بل سُمِّيتْ باسمِها، كسورةِ النِّساءِ وسورةِ مريم، والإسلامُ أكَّدَ إنسانيَّتَها وأهليَّتَها للتَّكليفِ والمسؤوليَّةِ، والجزاءِ ودُخول الجنَّة، وسوَّى بينها وبين الرَّجل في ذلك، وجعلَ التفاضُلَ الحقيقيَّ بين جميعِ النَّاسِ بالتقوى دون تفريقٍ بين ذكَرٍ وأنثى.
 

والإسلامُ أعطى المرأةَ حَقَّ التَّعليمِ، وحقَّ العَمَلِ، وحقَّ التمَلُّك والتصَرُّف في مِلكِها، وكلُّ ذلك وَفقًا للضَّوابِطِ الشَّرعيَّة، وغير ذلك من الأمورِ التي يظهَرُ بها بجلاءٍ مكانةُ المرأةِ في الإسلامِ.
 

ثم كان المبحث الثالث والأخير، وهو أطوَلُها، فأفرَدَه المؤلِّفُ لتقييمِ بُنودِ اتفاقية (سيداو) ومصطلح (الجندر) في ضوء الشَّريعة الإسلاميَّة.
 

فبدأ ببنودِ اتِّفاقيَّة (سيداو) وتناوَل الموادَّ من (1-16) مع بيانِ ما فيها مِن مخالفاتٍ أو موافَقات للشَّريعةِ الإسلاميَّةِ، وذلك بذِكرِ المادَّة كما نصَّت عليها الاتفاقيَّة، ثم نَقْدِها، وممَّا جاء في حديثِه عن المادَّة الأولى:
 

جاء في نصِّ المادة الأولى: (لأغراضِ هذه الاتفاقيَّة يعني مصطلح (التَّمييز ضد المرأة) أيَّ تَفرقةٍ أو استبعادٍ أو تقييدٍ يتمُّ على أساسِ الجِنسِ، ويكونُ من آثارِه أو أغراضِه توهينُ أو إحباطُ الاعترافِ للمرأةِ بحقوقِ الإنسانِ والحُرِّيات الأساسيَّة في الميادينِ السياسيَّةِ والاقتصاديَّةِ والاجتماعيَّةِ والثقافيَّةِ...)
 

ثم بيَّنَ في نقدِه لهذه المادَّة أنه:

  • ليست كلُّ تفرقةٍ أو تقييدٍ على أساس الجِنسِ تكونُ ضدَّ المرأةِ، بل قد تكون المساواةُ مع الرَّجلِ في بعضِ الحالاتِ ضدَّ المرأةِ.
     
  • ولا يلزَمُ مِن مجرَّدِ التَّفرِقة بين الرَّجل والمرأة في حقٍّ ما أو واجبٍ ما، أن يكون ذلك اعتداءً على حقِّ المرأةِ بوصفها إنسانًا.
     
  • وأنَّ هذه المادة تُهمِل ما يتعلَّق بالمرأةِ المتزوِّجة من حقوقٍ وواجباتٍ، تشهد لها كلُّ الثَّقافاتِ والأديان، وغيرها من الرُّدودِ.
     

وهكذا تناولَ بقيَّةَ الموادِّ مع التعليقِ عليها ببيانِ ما فيها من مخالفةٍ، ونحو ذلك، ومما يجدُرُ التَّنبيهُ عليه أنَّه لم يتعرَّضْ للموادِّ من (17-30) مُعلِّلًا ذلك بأنَّها موادُّ تتعلَّقُ بالنواحي الإداريَّة والتنظيميَّة للاتفاقيَّة.
 

ثم تناولَ تقييمَ مصطلح (الجندر) في ضوء الشَّريعة الإسلاميَّة

فبيَّن أنَّ النَّاظِرَ في دلالةِ هذا المُصطَلَح يجِدُه متعارِضًا مع الشَّريعةِ الإسلاميَّة والعِلم والعَقل، وذكر أدلَّةً على ذلك، منها:

  • أن مُصطَلَح (الجندر) بأبعادِه لا يتوافَقُ مع أحكامِ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ الخاصَّةِ بالرَّجل والمرأة، والقائمةِ على التَّفريق بينهما في عددٍ مِن الأحكام، ثم ذكر بعضًا منها.
     
  • أنَّ الفلسفةَ (الجندرية) تُناقِضُ العِلم؛ فهي فضلًا عن عدَمِ مُوافَقَتِها للشَّريعة الإسلاميَّة، فإنَّها لا تتوافَقُ مع العِلم، وقام بذِكر عددٍ مِنَ الأدلةِ على ذلك الأمرِ.
     

ثم تكلَّم عن أثرِ اتِّفافية (سيداو) ومصطلح (الجندر) على المرأةِ المسلمةِ، وبَيَّن أنَّها قد تميَّزَت بعددٍ مِنَ الأبعادِ، التي تشكِّلُ خطورةً ظاهرةً على المرأةِ المُسلِمة، بل وعلى الأمَّة، وذكر أنَّ هذه الخطورةَ تكمُن في أمورٍ، منها:

  • أنَّ الاتفاقيَّة تَعتبِرُ الدِّينَ شكلًا مِن أشكالِ التَّمييزِ ضِدَّ المرأةِ.
  • لم تُراعِ الاتفاقيَّةُ وما يتبَعُها، التَّبايُنَ الثَّقافيَّ الواسِعَ بين المجتَمَعاتِ.
  • تمكينُ لجنة (سيداو) مِنَ التحقيقِ في الدَّولة المشتكَى عليها، بشأن الشَّكاوى المقدَّمة إليها مِن النِّساء فيه؛ يُعَدُّ تدخُّلًا في سيادةِ الدُّوَلِ، وسيادةِ حُكوماتِها وتشريعاتِها.
     

ثم ختم الباحث الكتابَ بخاتمةٍ ذكرَ فيها أهمَّ النتائج والمقتَرحات، جاء فيها:

  • أنَّ اتفاقيَّة (سيداو) لا توافِقُ التصوُّرَ الإسلاميَّ حول قضايا المرأةِ، وإنَّما تُناقِضُه تمامًا.
  • وأنَّه لا بدَّ من قيامِ العُلَماء في جميعِ القطاعاتِ والهيئاتِ بتوعِيةِ الجُمهورِ الإسلاميِّ بأهدافِ الحَرَكة الأُنثَويَّة الجديدة ومخطَّطاتِها.
  • الضَّغطُ على الحُكوماتِ التي تُوَقِّعُ على مِثلِ هذه الاتفاقيَّاتِ؛ للانسحابِ منها، وتذكيرُها بدَورِها في المحافظةِ على هُويَّةِ الأمَّة.