موسوعة اللغة العربية

المسألةُ الأولى: الضَّميرُ المُستَتِرُ وُجوبًا


وهو كُلُّ ضميرٍ لا يمكِنُ أن يحُلَّ محلَّه اسمٌ ظاهرٌ ولا ضَميرٌ، ويكونُ في تسعةِ مَواضِعَ:
1- فاعِلُ فِعلِ الأمرِ المخاطَبِ به الواحِدِ المُذَكَّرِ، مِثلُ قَولِه تعالى: اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ [النمل: 28] ، ففاعِلُ (اذْهَبْ): ضميرٌ مستَتِرٌ وُجوبًا تقديرُه: (أنت)، وكذلك: (أَلْقِه)، و(تَوَلَّ)، و(انْظُرْ).
2- فاعِلُ الفِعلِ المضارعِ المبدوءِ بتاءِ الخِطابِ للواحِدِ؛ مِثلُ: وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى [النازعات: 19] ؛ ففاعِلُ (تَخشَى): ضميرٌ مُستَتِرٌ وُجوبًا تقديرُه: (أنت).
3- فاعِلُ الفِعلِ المضارعِ المبدوءِ بهَمزةِ المتكلِّمِ، مِثلُ قَولِك: لا أُحِبُّ المُهْمِلين؛ ففاعِلُ «أُحِبُّ» ضميرٌ مَستترٌ وُجوبًا، تقديرُه: أنا.
4- فاعِلُ الفِعلِ المضارعِ المبدوءِ بالنُّونِ، مِثلُ: (نُؤمِنُ باللهِ وَحْدَه)؛ ففاعِلُ «نؤمِنُ» ضميرٌ مُستترٌ وُجوبًا تقديرُه: نحن.
5- فاعِلُ الأفعالِ الماضيةِ التي تفيدُ الاستثناءَ: (خلا، عدا، حاشا)؛ ففاعِلُها ضميرٌ مُستترٌ وجوبًا تقديرُه: هو.
6- الاسمُ المرفوعُ لأدواتِ الاستثناءِ النَّاسِخةِ، وهي الفِعْلانِ (ليس، ولا يكونُ)، تقولُ: جاء الطُّلَّابُ ليس طالبًا. انقضى العامُ لا يكونُ شَهرًا. فاسمُ (ليس) و(يكونُ) ضميرٌ مُستترٌ وجوبًا تقديرُه: هو يُنظَر: مبحث الاستثناء بـ(ليس)، ولا (يكون). .
7- فاعِلُ «ما أفعَلَ» في أُسلوبِ التعَجُّبِ، مِثلُ: ما أجمَلَ السَّماءَ. فـ«أجمَلَ» فِعلٌ ماضٍ للتعَجُّبِ، وفاعِلُه ضميرٌ مُستترٌ وُجوبًا تقديرُه: «هو» يعودُ على «ما».
8- فاعِلُ اسمِ الفِعلِ المضارعِ، أو اسمِ فِعلِ الأمرِ، مِثلُ: أُفٍّ من الكَذِبِ، بمعنى: أتضَجَّرُ. وآمينَ. بمعنى: استَجِبْ.
9- فاعِلُ المصدَرِ النَّائِبِ عن فعْلِه الأمرِ، مِثلُ: (قيامًا للزَّائرِ)؛ فـ(قيامًا): مَصدَرٌ وفاعِلُه مُستَتِرٌ وُجوبًا، تقديرُه: «أنت»؛ لأنَّه بمعنى: قُمْ يُنظَر: ((توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك)) للمرادي (1/ 364)، ((إرشاد السالك إلى حل ألفية ابن مالك)) لبرهان الدين ابن القيم (1/ 117، 118)، ((النحو الوافي)) (1/ 228 - 230). .
فإذا أُبرِزَ الضَّميرُ في أيٍّ من تلك المواضِعِ فإنَّه لا يكونُ مَرْفوعًا للفِعلِ، بل يُعرَبُ تَوكيدًا للفاعِلِ المحذوفِ، مِثْلُ قَولِه تعالى: اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ [البقرة: 35] ، وقَولِه: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا [المائدة: 24] ، وقَولِه: اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي [طه: 42] ؛ فإنَّ قَولَه: (أنت) في الآياتِ الثَّلاثِ ليس فاعلًا لفِعلِ الأمرِ؛ فإنَّ فِعلَ الأمرِ للمخاطَبِ الواحِدِ لا يظهَرُ فاعِلُه أبدًا، وإنما هو توكيدٌ له؛ لِيَجوزَ العَطفُ عليه؛ فإنَّه لا يجوزُ -على مَذهَبِ البَصريِّينَ- أن يُقالَ: اسكُنْ وزَوْجُك، ولا: اذهَبْ وأخوك؛ إذ لا يَصِحُّ العَطفُ -عِندَهم- على المضمَرِ المرفوعِ إلَّا بتَوكيدِه بضَميرٍ مُنفَصِلٍ، فتقولُ: ذهبتُ أنا وزيدٌ. إلَّا أن يطولَ الكلامُ، ويَقَعَ فَصلٌ، فيحنئذٍ يجوز العَطفُ، ويكونُ طُولُ الكلامِ والفاصِلُ سادًّا مَسَدَّ التأكيدِ، نحوُ قَولِه تعالى: فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ بالرَّفعِ في قِراءةِ بَعضِهم؛ فإنَّه عَطَف "الشُّرَكاءَ" على المضمَرِ المرفوعِ في "أَجْمِعوا" حين طال الكلامُ بالمفعولِ يُنظَر: ((شرح المفصل)) لابن يعيش (2/ 277)، ((تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد)) لناظر الجيش (7/ 3494). .

انظر أيضا: