موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ الثَّاني: الهَمزةُ


الهَمزةُ تُزادُ أوَّلًا وحَشْوًا (وسَط الكَلِمةِ) وآخِرًا، وأغلَبُ أحوالِها أن تَقَعَ في أوَّلِ الثُّلاثيِّ مِنَ الأسماءِ والأفعالِ.
زيادَتُها أوَّلًا:
شَرطُ زيادةِ الهَمزةِ في أوَّلِ الكَلِمةِ أن يَكونَ بَعدَ الهَمزةِ ثَلاثةُ أُصولٍ، وهُنا يُحكَمُ بزيادةِ الهَمزةِ سَواءٌ أعُلِمَ الِاشتِقاقُ أم لم يُعلَمْ؛ لكَثرةِ زيادَتِها في هَذا المَوضِعِ مِمَّا عُرِفَ اشتِقاقُه، فحُمِلَ مَجهولُ الِاشتِقاقِ (مِثلُ: أفْكَل) على المعلومِ.
وإذا كانَتِ الهَمزةُ في أوَّلِ الكَلِمةِ وبَعدَها أكثَرُ مِن ثَلاثةِ أحرُفٍ وفيها زَوائِدُ عُرِفَت، وتَبَقَّى بَعدَها ثَلاثةُ أصولٍ؛ فهي زائِدةٌ أيضًا، مِثلُ: إِجْفِيل، فالياءُ والألِفُ زَوائِدُ، وتَبَقَّى بَعدَهُما ثَلاثةُ أصولٍ، فتَحكُمُ بزيادةِ الهَمزةِ.
وإذا كان في الكَلِمةِ ما يجوزُ أن يكونَ زائِدًا، فلا يُحكَمُ بزيادةِ الهَمزةِ إلَّا بدليلٍ، مِثْلُ: (أوْلَق وأيْصَر) الهَمزةُ أصلٌ، والواوُ والياءُ زائِدتانِ:
ففي (أَوْلَق) [110] فيها مذهبانِ: الأوَّلُ لسيبَوَيهِ: أنَّه من (ألِقَ الرَّجُلُ) ووزنُه (فَوْعَل)، والثَّاني لأبي عليٍّ الفارسيِّ: أنَّه من (وَلِقَ الرَّجُلُ) ووزنُه (أَفْعَل) والهمزةُ زائدة. يُنظر: ((الكتاب)) لسيبويه (3/ 195)، ورأي الفارسي في: ((الممتع الكبير)) لابن عصفور (ص: 159)، ونسبه ابن جِنِّي في ((الخصائص)) (1/ 10) للزجاج. من ألَقَ الرَّجُل، تكون الهَمزةُ أصلًا.
وفي (أَيْصَر) جُمِعَت على (إِصَار) فسَقَطَت الياءُ، وبَقِيَت الهمزةُ، فدلَّ على أنَّها أصلٌ [111] يُنظر: ((الشرح الملوكي)) لابن يعيش (ص:137 - 139). .
إذا كانَتِ الهَمزةُ أوَّلًا والألِفُ آخِرًا، فالقياسُ يَقضي بزيادةِ الهَمزةِ، وتَكونُ الألِفُ مُنقَلِبةً عَن حَرفٍ أصليٍّ، مِثْلُ: أعْشَى، وأفْعَى.
إذا كانَتِ الهَمزةُ في أوَّلِ الكَلِمةِ وبَعدَها أربَعةُ أحرُفٍ أُصولٍ، فالهَمزةُ أصلٌ؛ لأنَّه لم يَثبُتْ زيادَتُها فيه باشتِقاقٍ ولا غَيرِه، وتَكونُ الكَلِمةُ خُماسيَّةً، مِثْلُ: إِصْطَبْل [112]  الإِصْطَبْلُ مَوْقِف الدَّابَّةِ. ينظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (11/ 18). [113] يُنظر: ((الشرح الملوكي)) لابن يعيش (ص:135 - 142). .
زيادتُها وَسَطًا:
إذا كانَتِ الهَمزةُ وسَطًا كانَت أصلًا، ولا يُحكَمُ بزيادَتِها إلَّا بدَليلٍ؛ لأنَّه لم تَكثُرْ زيادَتُها فيما عُرِفَ اشتِقاقُه؛ فالأصلُ عَدَمُ الزِّيادةِ، مِثْلُ: زِئْبِر وضِئبِل [114]  الزِّئْبِر: مَا يَعْلُو الثَّوْبَ الْجَدِيدَ، والضِّئْبِلُ: الدَّاهِيَةُ. ينظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (4/ 314)، و(11/ 389). ، وبَرْأَلَ الدِّيكُ [115]  بَرْأَل الدِّيكُ: نَفَش رِيشَه للقِتالِ. ينظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (11/ 51). ، الهَمزةُ فيها أصلٌ.
وجاءَتِ الهَمزةُ وسَطَ الكَلِمةِ زائِدةً بقِلَّةٍ، مِثلُ: شَأْمَلٍ وشَمْأَلٍ؛ لقَولِهِم: شَمَلَتِ الرِّيحُ مِنَ الشَّمالِ.
والهَمزةُ في (جَرائِضَ) زائِدةٌ؛ لقَولِهِم: جَمَلٌ جِرواضٌ، أي: عَظيمٌ، فسَقَطَتِ الهَمزةُ، وهو دَليلٌ عَلى زيادَتِها [116] يُنظر: ((الشرح الملوكي)) لابن يعيش (ص: 145 - 148). .
زيادتُها آخِرًا:
إذا وقَعَتِ الهَمزةُ في آخِرِ الكَلِمةِ فلا يُقضى بزيادَتِها إلَّا بشَرطينِ، هُما:
1- أن يَسبِقَها ألِفٌ.
2- أن يَسبِقَ تلك الألِفَ ثلاثةُ أُصولٍ فصاعِدًا، مِثْلُ: حَمْراءَ، وقُرْفُصاء [117]  هيئةٌ مِن هيئاتِ القُعودِ. ينظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (7/ 71). ، أمَّا مِثلُ: ماءٍ وشَاءٍ، فليستِ الهَمزةُ فيهِما زائِدةً؛ لأنَّ الألِفَ مَسبوقةٌ بأصلٍ واحِدٍ، وأيضًا (بِناءٌ وإناءٌ) الهَمزةُ فيهِما ليسَت زائِدةً؛ لأنَّ الألِفَ مَسبوقةٌ بأصلينِ فحَسْبُ، وأيضًا كلِمةُ (نَبَأ)، فإنَّ الهَمزةَ غَيرُ مَسبوقةٍ بأَلِفٍ [118] يُنظر: ((الشرح الملوكي)) لابن يعيش (ص: 148)، ((شرح التصريح)) للأزهري (2/ 675). .

انظر أيضا: