موسوعة اللغة العربية

المَبْحَثُ الأوَّلُ: أُسلوبا التعَجُّبِ


المقصود بالتعجُّبِ في النَّحو أسلوبانِ:
ما أفعَلَ:
ويتكَّونُ هذا الأسلوبُ من "ما"، وهي نكرةٌ في مَحَلِّ رَفعٍ مُبتَدَأٌ، وجاز الابتداءُ بها؛ لأنَّها موصوفةٌ، والتقدير: شيءٌ عظيمٌ أفْعلَ. وأفعل: وهو فعلٌ ماضٍ يلزمُ زمانَ الماضي في ذلك الأسلوبِ، وفاعِلُه ضميرٌ يعودُ على "ما". ثم المتعَجَّب منه، وهو مَفعولُ ذلك الفِعْلِ الماضي.
تَقولُ: ما أحسَنَ زيدًا! وما أعظمَ الجِهادَ! وما أجملَ السماءَ! والمعنى: شيءٌ عظيمٌ أحسنَ زيدًا، أي: جعَلَه حَسَنًا، وهكذا باقي الأمثِلة؛ شيءٌ عظيمٌ جعل الجهادَ عظيمًا، وشيءٌ عظيمٌ جعل السَّماءَ جميلةً. ومنه قَولُه تعالى: فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ [البقرة: 175] .
إعرابُ: ما أحسَنَ زيدًا
ما: اسمٌ مَبْنيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ رَفعٍ مُبتَدَأٌ.
أحسنَ: فِعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ على الفَتحِ، والفاعِلُ ضميرٌ مُستَتِرٌ تقديرُه هو، عائدٌ على "ما".
زيدًا: مَفعولٌ به مَنصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ.
وجُملة (أحسن زيدًا) في مَحَلِّ رَفعٍ خَبَرُ "ما".
وهذا المَفعولُ هو في الأصلِ الفاعِلُ؛ إذ أصل الجُملة: حسُن زيدٌ، وعظُم الجهادُ، وجمُلت السَّماءُ، لكِنْ لَمَّا دخلت همزةُ النَّقلِ صار الفاعِلُ مفعولًا.
أَفْعِلْ بـ:
وهو الأسلوبُ الثَّاني من أسلوبَيِ التعَجُّبِ، ويتكوَّنُ من: وزن "أَفْعِل" على صيغة الأمرِ، لكنَّ معناه الخَبَر، والباء، وهي حَرفُ جَرٍّ زائدٌ هنا يجُرُّ الفاعِلَ الأصليَّ للجُملةِ. تَقولُ: أحسِنْ بزيدٍ، أكرِمْ بعَمرٍو؛ فإنَّ أصلَ المعنى: أحسنَ زيدٌ، أي: صار حَسَنًا، وأكرَمَ عَمْرٌو، أي: أصبح كريمًا. ومنه قَولُه تعالى: أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا [مريم: 38] .
إعراب: أحسِنْ بزيدٍ
أحسِنْ: فِعلُ أمرٍ مَبْنيٌّ على السُّكونِ.
بزيد: الباءُ حَرفُ جَرٍّ زائدٌ، زيد: اسمٌ مَجرورٌ لفظًا في مَحَلِّ رَفعٍ فاعِلُ (أحسن).
ولا يجوزُ حَذفُ تلك الباءِ الزائدةِ في أسلوبِ التعَجُّبِ، إلَّا أن يكونَ الفاعِلُ "أنْ" وصِلَتَها، كقول العبَّاسِ بنِ مِرداسٍ:
وقال نبيُّ المُسلِمين تقدَّموا
وأَحْبِبْ إِلَيْنَا أن تكونَ الْمُقدَّمَا
وأصله: أحبِبْ إلينا بأن تكونَ.

انظر أيضا: