موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ الخامس: بَدَلُ الجُملةِ مِن الجُملة


قد تُبدَل الجُملةُ مِنَ الأخرى إذا كانت جُملةُ البَدَلِ أَوفى في المعنى من الأولى، ومنه قَولُه تعالى: بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ * قَالُوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ [المؤمنون: 81، 82]، وقَولُه تعالى: وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ * أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ [الشعراء: 132، 133]؛ فالآيةُ الثانيةُ في الشَّاهِدَينِ بَدَلٌ من الآيةِ الأولى. ومنه قَولُ الشَّاعِرِ:
أقولُ له ارحَلْ لا تُقيمَنَّ عندنا
وإلَّا فكُنْ في السِّرِّ والجَهْرِ مُسْلِمَا
فجُملةُ "لا تقيمنَّ" بَدَلٌ من جُملةِ "ارحَلْ".
والملحوظُ أنَّ كُلَّ الشَّواهِدِ كانت جُملةُ البَدَلِ أوفى بيانًا وأبسَطُ في المعنى من الجُملةِ الأولى يُنظَر: ((ارتشاف الضَّرَب من لسان العرب)) لأبي حيان الأندلسي (4/ 1961)، ((شرح ألفية ابن مالك)) لابن عقيل (3/ 247)، ((شرح ألفية ابن مالك)) للأشموني (3/ 3). .
فوائِدُ:
زاد بعضُ النُّحاةِ قِسمًا خامسًا من أقسامِ البَدَل، وهو بَدَل الكُلِّ مِنَ البَعضِ، وهو أن يكونَ البَدَلُ أعمَّ من المُبدَلِ منه، وذكروا منه قَولَه تعالى: فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا * جَنَّاتِ عَدْنٍ [مريم: 60، 61]؛ فـ(جناتِ) بَدَلٌ من الجنَّة، وهي بَدَلُ كُلٍّ مِن بعضٍ. ومنه قَولُ الشَّاعِرِ:
رَحِمَ اللهُ أَعْظُمًا دَفَنُوهَا
بسجِسْتَانَ طَلْحَةَ الطَّلَحَاتِ
فطلحة: بَدَلٌ من "أَعْظُمًا"، وهي جزءٌ منه يُنظَر: ((همع الهوامع في شرح جمع الجوامع)) للسيوطي (3/ 179). .
إذا كان المُبدَلُ منه مذكورًا مُجمَلًا، ومضمونُه أفرادٌ وأقسامٌ متعَدِّدةٌ ذُكِرَت كامِلةً؛ فإنَّه يَصِحُّ فيه الإتباعُ على البَدَلِ، أو القَطُع بالرَّفع على إضمار مُبتَدَأٍ محذوفٍ وُجوبًا، أو القَطعُ بالنَّصْبِ على إضمارِ فِعلٍ محذوفٍ وُجوبًا؛ فتَقولُ: مررتُ برجالٍ: طويلٍ وقصيرٍ وربْعةٍ؛ بالإتباعِ، ويجوزُ لك أن تقطَعَ الجميعَ فتَقولُ: مررتُ برجالٍ: طويلٌ وقصيرٌ وربعةٌ، أو: طويلًا وقصيرًا وربْعةً، ويجوزُ لك أن تُتبِعَ بَعضًا وتَقطَعَ الباقين. تَقولُ: مررتُ برجالٍ: طويلٍ وقصيرًا وربعةً، أو: وقصيرٌ وربعةٌ، ونحو ذلك من سائِرِ الأوجُهِ التي ذكَرْناها في قَطعِ النَّعتِ.
أمَّا إن لم تُذكَرْ كُلُّ الأفرادِ والأقسامِ فإنَّه يجِبُ فيه القَطعُ بالنَّصْبِ أو الرَّفعِ، ولا يجوزُ الإتباعُ. تَقولُ: مررتُ برجالٍ؛ طويلًا وقصيرًا، أو: مررتُ برجالٍ؛ طويلٌ وقصيرٌ. ومنه قولُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «اجْتَنِبُوا السَّبعَ المُوبِقَاتِ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ » أخرجه البخاري (2766)، ومسلم (89) مطولاً من حديث أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه. ، برفع "الشِّرك" على إضمار مُبتَدَأٍ محذوفٍ وُجوبًا؛ لأنَّه اكتفى من الموبقاتِ بأمرينِ فقط؛ إذ ذُكِرَ باقي الموبِقاتِ في الأحاديثِ الأُخرى يُنظَر: ((شرح ألفية ابن مالك)) للأشموني (3/ 14)، ((النحو الوافي)) لعباس حسن (3/ 676). .

انظر أيضا: