موسوعة اللغة العربية

تمهيدٌ: الجَرُّ بالإضافةِ


الإضافةُ: هي إضافةُ الاسمِ إلى اسمٍ آخَرَ مِن غَيرِ فَصلٍ، وجَعْلُ الثَّاني من تمامِ الأوَّلِ كالتنوينِ، وهي نوعانِ:
أولًا: الإضافةُ المَعنويَّةُ
وهي ما تُكسِبُ المضافَ تَعريفًا، وهي بإضافةِ النَّكِرةِ إلى مَعرِفةٍ، تَقولُ: غلامُ زيدٍ، كتابُ اللهِ، قَلَمي ... فإنَّ المُضافَ إلى المَعرِفةِ مَعرِفةٌ.
فإذا أُضِيف النَّكِرةُ إلى نَكِرةٍ مِثْلِه أفاده التخصيصَ لا التعريفَ. تَقولُ: غلامُ رَجُلٍ، قلمُ تلميذٍ؛ فإنَّها وإن لم تُفِدِ التعريفَ فإنَّها أكسَبَته التخصيصَ؛ فـ"غلامُ رجلٍ" أخصُّ من "غُلام".
وهذه الإضافةُ تكونُ بمعنى حرفٍ مِن ثلاثةٍ؛ إمَّا اللَّامُ. تَقولُ: غلامُ زيدٍ، وقَلَمُ تلميذٍ، أي: غلامٌ لزَيدٍ، وقلمٌ لتلميذٍ.
وتكونُ بمعنى "مِن"، وهذا إذا كان المضافُ بَعضَ المُضافِ إليه. تَقولُ: خاتمُ فِضَّةٍ، وحَلَقُ ذَهَبٍ، أي: خاتمٌ مِن فِضَّةٍ، وحَلَقٌ مِن ذَهَبٍ يُنظَر: ((شرح المفصل)) لابن يعيش (2/ 126). .
أو بمعنى "في"، وذلك إذا كان المُضافُ إليه ظرفًا في الأصلِ، كقَولِه تعالى: فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ [البقرة: 196] ، وقَولِه تعالى: يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ [يوسف: 39] ، وقَولِه تعالى: بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ [سبأ: 33] ؛ فإنَّ الأصل: فصيامٌ في ثلاثةِ أيَّامٍ، يا صاحِبَينِ في السِّجنِ، بل مكرٌ في اللَّيلِ والنَّهارِ هذا النَّوعُ من الإضافةِ اختُلِف فيه؛ فذهب سيبويهِ وأكثَرُ المحَقِّقين إلى إبطالها، وأنَّ الشَّواهِدَ فيها محمولةٌ على اللامِ أو "مِن"، واختار هذا القَولَ ابنُ مالك. يُنظَر: ((شرح ألفية ابن مالك)) لابن الناظم (ص: 272)، ((توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك)) للمرادي (2/ 784). .
ثانيًا: الإضافةُ اللَّفظيَّةُ
وهي ما كان المضافُ صِفةً مشتَقَّةً -اسمَ فاعِل، أو اسمَ مفعولٍ، أو صِفةً مُشَبَّهةً- عاملةً في المُضافِ إليه، تدُلُّ على الحالِ أو الاستقبالِ، مِثلُ: طالعُ الجبلِ، حَسَنُ وجْهِه، ممشوقُ القَوامِ...
وهي لَفظيَّةٌ؛ لأنَّها لا تُفيدُ شيئًا في المعنى، لا بالتعريفِ ولا بالتخصيصِ؛ بل تفيدُ تحسينَ اللَّفظِ أو تخفيفَه.
ويدُلُّ على أنَّها لا تفيدُ شيئًا في المعنى: أنَّها يُنعَتُ بها النَّكِرةُ، كقَولِه تعالى: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة: 95] ، كما أنَّ المضافَ قد يُنصَبُ على الحالِ، كقَولِه تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ [الحج: 8، 9]، وتَدخُلُ عليها (رُبَّ)، كقَولِ الشَّاعِرِ:
يَا رُبَّ غابطِنا لو كان يَطلُبُكم
لاقى مُباعَدةً منكم وحِرمانَا
و(رُبَّ) لا تَدخُلُ إلَّا على النَّكِراتِ يُنظَر: ((أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك)) لابن هشام (3/ 75)، ((إرشاد السالك إلى حل ألفية ابن مالك)) لبرهان الدين ابن القيم (1/ 477). .
وتختَصُّ الإضافةُ اللَّفظيَّةُ بجوازِ تحليةِ المضافِ بالألِفِ واللامِ، بخِلافِ الإضافةِ المعنويَّةِ؛ فلا يقالُ: هذا الغلامُ زَيدٍ، وإنما يَصِحُّ ذلك في الإضافةِ اللَّفظيَّةِ بأحَدِ ثَلاثةِ شُروطٍ:
1- أن يكونَ المُضافُ إليه محلًّى بها. تَقولُ: هذا الجعْدُ الشَّعرِ ضَرَبَني؛ فحلَّيتَ "الجعْد" بـ(أل) لأنَّ المُضافُ إليه محلًّى بـ(أل).
2- أن يكون المُضافُ إليه مضافًا لِما فيه (أل)، تَقولُ: رأيتُ الضاربَ رأسِ الجاني؛ فإنَّ الضَّارِبَ "المضاف" دخَلَت عليه (أل)؛ لأنَّ المُضافَ إليه "رأس" أُضِيفَ إلى ما فيه (أل) "الجاني".
3- أن يكونَ المضافُ مُثَنًّى أو جمعًا. تَقولُ: الضَّارِبا زَيدٍ، المُكْرِمو عَمْرٍو يُنظَر: ((شرح ألفية ابن مالك)) لابن الناظم (ص: 275)، ((توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك)) للمرادي (2/ 792). .

انظر أيضا: