موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ الخامِسُ: لا سِيَّما


اختلف النُّحاةُ في عَدِّ (لا سِيَّما) من أساليبِ الاستثناءِ، والصَّحيحُ أنَّها ليست من أدواتِ الاستثناءِ؛ إذ لا يجوزُ إيقاعُ (إلَّا) مَوقِعَها، والمشهورُ والمعروفُ أنَّ ما بعد (لا سِيَّما) أَولى بالمُسنَدِ الذي لِما قبلها من المُسنَدِ إليه؛ فإذا قُلتَ: تفوَّق القومُ لا سيَّما زَيدٌ. تريدُ أن زيدًا أَولى النَّاسِ بالتفَوُّقِ، لا أنَّه خارجٌ من المُسْتَثنى منه، وأنَّه لم يتفوَّقْ؛ ولهذا لا يجوزُ إحلالُ (إلَّا) محَلَّها.
إعرابُ لا سِيَّما:
لا: حَرفٌ ناسِخٌ مَبْنيٌّ على السُّكونِ لا مَحَلَّ له مِنَ الإعرابِ.
سيَّ: اسمُ (لا) النَّافِيةِ للجِنسِ مَبْنيٌّ على الفَتحِ في مَحَلِّ نصبٍ.
ما: إمَّا حرفٌ زائِدٌ، وإمَّا اسمٌ موصولٌ.
إعرابُ ما بَعْدَ لا سِيَّما:
إذا كان الاسمُ بَعْدَها نَكِرةً فيجوزُ فيه الوُجوهُ الثَّلاثةُ: الجَرُّ، الرَّفعُ، النَّصْبُ، وهي على الترتيبِ مِن حيثُ القُوَّةُ.
وإذا كان الاسمُ بَعْدَها مَعرِفةً فيجوزُ فيه وَجهانِ: الجَرُّ، الرَّفعُ.
لا يختَلِفُ إعرابُ (لا سيَّ) سواءٌ كان ما بَعْدَها مجرورًا أو مرفوعًا أو منصوبًا؛ فـ(لا) نافيةٌ للجِنسِ، (سيَّ) اسمُها منصوبٌ.
أمَّا (ما) فإذا كان ما بَعْدَها مجرورًا، فتُعرَبُ زائدةً، وما بَعْدَها مضافٌ لـ(سيَّ)، وخَبَر (لا) محذوفٌ تقديرُه: موجودٌ.
وإذا كان ما بَعْدَها مرفوعًا، فتُعرَب (ما) نكرةً موصوفةً مَبْنيَّةً على السُّكونِ في مَحَلِّ جَرٍّ مُضافٌ إليه، وما بَعْدَها خَبَرٌ لمُبتَدَأٍ محذوفٍ، أو تُعرَبُ (ما) اسمًا موصولًا، في مَحَلِّ جَرٍّ مُضافٌ إليه، وما بَعْدَها خَبَرٌ لمُبتَدَأٍ محذوفٍ، والجُملةُ لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعرابِ صِلَةُ الموصولِ، وخَبَر (لا) محذوفٌ تقديرُه: موجودٌ.
وإذا كان ما بَعْدَها منصوبًا، فتُعرَب (ما) نكرةً غيرَ موصوفةٍ في مَحَلِّ جَرٍّ مُضافٌ إليه، وما بَعْدَها إمَّا تمييزٌ، أو مفعولٌ لفِعلٍ مَحذوفٍ، تقديرُه: أعني.
ومنه قَولُ الشَّاعِرِ:
ألا ربَّ يومٍ لك منهنَّ صالحٍ
ولا سِيُّمَا يومٌ بدارَةِ جُلْجُلِ
فقد رُوِيَ بجَرِّ (يوم) ورَفعِه؛ فمن جرَّه فعلى اعتبارِ (ما) زائدةً، وهو مُضافٌ إليه مَجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الكَسْرةُ الظَّاهِرةُ، ومن رفَعَه فعلى أنَّه خَبَرٌ لمُبتَدَأٍ محذوفٍ، أي: هو يومٌ يُنظَر: ((شرح التسهيل)) لابن مالك (2/ 318)، ((ارتشاف الضَّرَب من لسان العرب)) لأبي حيان الأندلسي (3/ 1550)، ((شرح ابن عقيل - منحة الجليل)) (1/ 166، 167). .
مَلحوظةٌ: قد تأتي (إلَّا) في مواضعَ غيرِ مُطَّردةٍ بأحكامٍ خاصةٍ، وتُسمَّى (إلَّا) الوصفيَّةَ، فتكونُ صفةً بمعنى (غير)، في مثلِ قولِهم: أقبلَ رجالٌ إلَّا سَعيدٌ، أي: غيرُ سعيدٍ. والمعنى: أقبلَ رجالٌ مُغايِرون لسعيدٍ، ومنه قولُه تعالى: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا [الأنبياء: 22] ؛ أي: غيرُ الله، فهذا لا يكونُ إلَّا وصفًا، ولا يجوزُ أن يُرادَ به الاستثناءُ ينظر: ((شرح المفصل)) لابن يعيش (2/89)، ((معاني النحو)) لفاضل السامرائي (2/690). .

انظر أيضا: