موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ السَّابع: حذفُ عامِلِ الحالِ


الأصلُ في عامِلِ الحالِ أن يكونَ مَذكورًا؛ لإفادةِ معنًى جديٍد أو لتأكيدِه، ولا يصِحُّ التأكيدُ مع حَذْفِه، لكِنَّه قد يُحذَفُ جوازًا إذا دلَّ الدَّليلُ عليه، وقد يُحذَفُ وُجوبًا في مواضِعَ مُعَيَّنةٍ.
أوَّلًا: حَذفُ العامِلِ جوازًا، وذلك إذا دلَّ عليه دليلٌ، ويكونُ ذلك في موضِعَينِ:
1- إذا كان معناه حاضرًا: كقَولِك للمُسافِرِ: سالِمًا غانمًا، أي: ترجِعُ سالِمًا، وللعائِدِ من الحَجِّ: مأجورًا، أي: رجَعْتَ مأجورًا.
2- إذا سَبَق ذِكْرُه: كأن تَقولُ: راكبًا، لمن سألك: كيف جئتَ؟ ومنه قَولُه تعالى: أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ [القيامة: 3، 4]، أي: بلى نجْمَعُها قادرينَ.
ثانيًا: حَذفُ العاملِ وُجوبًا
إذا كان الحالُ يَسُدُّ مَسَدَّ الخَبَر؛ كقَولِك: شُرْبي اللَّبنَ ساخنًا، وضَرْبي زيدًا قائمًا؛ والتقدُير: شُربي اللَّبنَ إذا كان ساخِنًا، وضربي زيدًا إذا كان قائِمًا.
شُرْبي: شُرْب: مُبتَدَأٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ منع من ظُهورِها اشتغالُ المحلِّ بحركةِ المناسَبةِ، والياءُ: ضَميرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ جَرٍّ مُضافٌ إليه، اللَّبنَ: مَفعولٌ به مَنصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ، ساخِنًا: حالٌ منصوبةٌ، وعَلامةُ نَصبِها الفَتحةُ الظَّاهِرةُ، سَدَّت مَسَدَّ الخَبَر.
الحالُ المؤكِّدةُ لِمَضمون جُملةٍ قَبْلَها، نَحوُ: "زيدٌ أبوك عَطوفًا"، والتقديرُ: أعْرِفُه عطوفًا، ولا يجوز ذِكرُ العامِلِ؛ لتنزُّلِ الجُملةِ قبْلَه مَنزِلةَ البَدَلِ مِنَ اللَّفظِ.
بيانُ الزِّيادةِ والنَّقصِ. تَقولُ: تصدَّقْ بدينارٍ فصاعِدًا، واشتَرِ بدِرْهَمٍ فنازلًا؛ ففي الأوَّلِ: تصَدِّقْ بدينارٍ فاذهَبْ بالعَدَدِ صاعِدًا، وفي الثاني: فاذهَبْ بالعَدَد نازلًا. واقترانُ الحالِ هنا بالفاءِ لازمٌ.
تصَدَّقْ: فِعلُ أمرٍ مَبْنيٌّ على السُّكونِ، والفاعِلُ ضميرٌ مُستَتِرٌ وجوبًا تقديرُه: أنت، بدينارٍ: جارٌّ ومجرورٌ مُتعَلِّقٌ بـ(تصَدَّقْ)، فصاعدًا: حالٌ منصوبةٌ وعلامةُ نَصْبِها الفَتحةُ الظَّاهِرةُ.
الاستفهامُ التوبيخيُّ: تَقولُ: أنائمًا وقد طَلَعت الشَّمسُ؟! أقاعدًا وقد غادَرَ الرَّكْبُ؟! والتقديرُ: أتُوجَد نائمًا، أتوجَدُ قاعدًا يُنظَر: ((أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك)) لابن هشام (2/ 292)، ((شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو)) (1/ 614). .
الحَذفُ السَّماعيُّ؛ حيث ورد عن العَرَبِ قَولُهم: هنيئًا لك، عند حُصولِ النِّعمةِ، والمرادُ: ثَبَت هنيئًا يُنظَر: ((النحو الوافي)) لعباس حسن (2/ 411). .

انظر أيضا: