موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ الأوَّلُ: الحِجازُ


كان الحِجازُ حاضِرةَ الدَّولةِ الإسلامِيَّةِ، والمَرْكَزَ الَّذي انطَلَقَت منه إشعاعاتُ الإسلامِ إلى ما حَولَه مِنَ القُرى والمُدُنِ والبَوادي، وترَكَّزَت فيه أُصولُ الدَّعوةِ الإسلاميَّةِ، واستقَرَّ فيه أكثَرُ أصحابِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وتابِعِيهم.
لذلك حَرَص الأُمَوِيُّونَ على أن يَصْرِفوا أنظارَ الحِجازِيِّينَ عن الحُكْمِ والخِلافةِ؛ إذ كَثيرٌ مِن الحِجازيِّينَ أهْلٌ بلا رَيبٍ لذلك، ولو تَفَرَّغوا للنَّظَرِ في أُمورِ المُسلِمينَ لأقاموا الدُّنيا ولخرَجَت دَعَواتٌ كَثيرةٌ بتَعيينِ فُلانٍ وعَزلِ غَيرِه، فضلًا عن أن تقومَ ثَوْراتٌ بعَزْلِ الخَليفةِ ووَلِيِّ أمرِ المُسلِمينَ.
وقد كان الحِجازُ مِن أكثَرِ طَوائِفِ المجتَمَعِ رِقَّةً وتقَدُّمًا، ساعَدَه على ذلك الثَّراءُ الواسِعُ الَّذي عاشه أهلُه، فَضْلًا عنِ احتِكاكِه بالمُسلِمينَ مِن غَيرِ العَرَبِ، الَّذين كان لهم فَضْلٌ في إدخالِ بَعْضِ مَظاهِرِ الأدَبِ وفُنونِه.
انصَرَفَت لذلك هِمَّةُ المَكِّيِّينَ والمَدَنيِّينَ إلى الشِّعْرِ ونَقْدِه، كما كَثُرَتِ الجَواري والقِيَانُ والمُغَنِّياتُ، وانتَشَر الغَزَلُ بأنواعِه، خاصَّةً الغَزَلَ العُذْرِيَّ، كما استخدَمَ الوُعَّاظُ الشِّعْرَ في وَعْظِهم ليُساعِدَ في التَّأثيرِ على النَّاسِ، فارتقى الشِّعْرُ العَرَبيُّ في الحِجازِ ارتِقاءً كَبيرًا.

انظر أيضا: