موسوعة اللغة العربية

المَطلَبُ الَّثامِنُ: الدَّعْوةُ إلى الإسْلامِ والذَّوْدُ عنه


مِن أهمِّ الأغْراضِ الَّتي سَخَّرَ الشُّعَراءُ شِعْرَهم فيها: الدَّعْوةُ إلى الإسْلامِ، وبَيانُ أرْكانِه ومَعالِمِه، والإشادةُ بمَحاسِنِه، فَضْلًا عنِ الدِّفاعِ عنه أمامَ كلِّ مَن اتَّهمَه بالباطِلِ أو وَصَمَه بوَصْمةٍ هو مِنها بَريءٌ.
وهذا غَرَضٌ مُسْتحدَثٌ في عَصْرِ صَدْرِ الإسْلامِ، كانَتْ له أهمِّيَّةٌ بالِغةٌ في الدِّفاعِ عن الإسْلامِ والرَّدِّ على خُصومِه، ونَشْرِ الدَّعوةِ الإسْلاميَّةِ، وحَثِّ النَّاسِ على المُسارَعةِ في الخَيْرِ، والدُّخولِ في الإسْلامِ، والجِهادِ بالنَّفْسِ والمالِ في سَبيلِ نُصرتِه، وقدْ بَرَعَ الشُّعَراءُ في إخْضاعِ عِنانِ الشِّعْرِ لِذلك الغَرَضِ الدَّعَويِّ، وساعَدَهم على ذلك أن اسْتَلهَموا أُسلوبَ القُرآنِ في الدَّعوةِ والإقْناعِ، وحاكَوه في بَساطةِ الألْفاظِ ووُضوحِ المَعنى.
ومِن ذلك قَوْلُ عبْدِ اللهِ بنِ رَواحةَ:
وفينا رَسولُ اللهِ يَتْلو كِتابَه
كما انْشَقَّ مَعْروفٌ مِن الفَجْرِ ساطِعُ
أرانا الهُدى بعْدَ العَمى فقُلوبُنا
به موقِناتٌ أنَّ ما قالَ واقِعُ
يَبيتُ يُجافي جَنْبَه عن فِراشِه
إذا أثْقلَتْ بالمُشْرِكينَ المَضاجِعُ
وأعْلَمُ عِلمًا ليس بالظَّنِّ أنَّني
إلى اللهِ مَحْشورٌ هناك فراجِعُ [365] ((ديوان عبد الله بن رواحة)) (ص:162).
ومِنها قَصيدةُ بُجَيرِ بنِ زُهَيْرِ بنِ أبي سُلْمى إلى أخيه كَعْبٍ يَدْعوه إلى الإسْلامِ ويُرَغِّبُه فيه، ويُبيِّنُ له حَقيقةَ الدِّينِ [366] يُنظر: ((نهاية الأرب في فنون الأدب)) للنويري (16/ 430)، ((شرح قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد)) لابن هشام (ص: 6). :
مَن مُبلِغٌ كَعْبًا فهلْ لك في الَّتي
تَلومُ عليها باطِلًا وهْي أحْزَمُ
إلى اللهِ لا العُزَّى ولا اللَّاتِ وَحْدَهُ
فتَنْجو إذا كان النَّجاءُ وتَسلَمُ
لدى يَوْمِ لا يَنْجو وليس بِمُفلِتٍ
مِن النَّاسِ إلا طاهِرُ القَلْبِ مُسلِمُ
فدِينُ زُهَيْرٍ وهْو لا شَيءَ دِينُهُ
ودِينُ أبي سُلْمى عَلَيَّ مُحَرَّمُ

انظر أيضا: