موسوعة اللغة العربية

الفَرْعُ الأوَّلُ: تمييز المُفرَد


مظانُّ تمييز المُفرَد:
ا- ما جاء يميِّزُ لفظًا من ألفاظ المقادير، نَحوُ:
أ- الكَيل، مِثلُ: اشتريت صاعَينِ قَمحًا، وكيلةً عَدسًا، وقَفيزَينِ بُرًّا.
(اشتريتُ) فِعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ على السُّكونِ؛ لاتِّصالِه بتاء الفاعِل، والتاءُ: ضَميرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ رَفعٍ فاعِلٌ.
(صاعين) مَفعولٌ به مَنصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الياء؛ لأنَّه مُثَنًّى.
(قمحًا) تمييز منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ.
ب- الوزن، مِثلُ: أمتلك قنطارًا طحينًا، واشتريت رطلينِ عَسَلًا وكيلو برتقالًا.
(أمتلك) فِعلٌ مُضارعٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ، والفاعِلُ ضميرٌ مُستَتِرٌ تقديره: أنا.
(قنطارًا) مَفعولٌ به مَنصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ.
(طحينًا) تمييزٌ منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ.
ج- المساحة، مِثلُ: عندي أربعُ دونمات أرضًا، وقيراطٌ قطنًا، وفدانٌ قصبًا، واشتريتُ هِكتارًا أرضًا.
(اشتريت) فِعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ على السُّكونِ لاتِّصالِه بتاء الفاعِل، والتاءُ: ضَميرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ رَفعٍ فاعِلٌ.
(هكتارًا) مَفعولٌ به مَنصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ.
(أرضًا) تمييز منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ.
2- ما جاء يميِّز ما يُشبِهُ المقدارَ، نَحوُ قَولِه تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ [الزلزلة: 7] ، فـ(مثقال ذرة) يُعَدُّ شِبهَ الوَزنِ، ومِثْلُه: عندي وِعاءٌ سمنًا، فـ(وعاء) ليس شيئًا يُكالُ به، بل هو شَبيهٌ بالكيل، ومِثْلُه: ما في السَّماءِ مَوضِعُ راحةٍ سَحابًا، فـ(موضع راحة) ليس مسافةً، بل هو شبيهٌ بالمسافة، وهكذا يُنظَر: ((أوضح المسالك)) لابن هشام (2/366)، ((شرح التصريح)) لخالد الأزهري (1/396). .
(فَمَنْ يَعْمَلْ) مَن: اسم شرط مَبْنيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ رَفعٍ مُبتَدَأٌ، يعمل: فِعلٌ مُضارعٌ مجزوم بـ(مَنْ) وعلامة جزمه السُّكون، وهو فعل الشَّرْط، والفاعِلُ ضميرٌ مُستَتِرٌ تقديره (هو) يعود على (مَنْ).
(مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) مَفعولٌ به مَنصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفتحةُ، وهو مضافٌ، ذرة: مُضافٌ إليه مَجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الكَسْرةُ الظَّاهِرةُ.
(خَيْرًا) تمييز منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفتحةُ.
(يَرَهُ) فِعلٌ مُضارعٌ مجزوم، وعَلامةُ جزمه حَذفُ حَرفِ العِلَّةِ، وهو جوابُ الشَّرْط، والفاعِلُ ضميرٌ مُستَتِرٌ تقديرُه هو، والهاءُ ضَميرٌ مَبْنيٌّ على الضَّمِّ في مَحَلِّ نَصبٍ مَفعولٌ به، وجُملة الشَّرْط والجواب في مَحَلِّ رَفعٍ خَبَرُ المُبتَدَأُ.
حكمُ التمييزِ من هذا النَّوعِ (المقادير وشبهها):
وتمييزُ المقاديرِ يجوزُ نَصْبُه، ويجوزُ جَرُّه بـ(من) أو بالإضافةِ.
تقولُ في حالةِ الجَرِّ: اشتريتُ صاعًا قمحًا، أو: مِن قَمحٍ، أو: صاعَ قَمْحٍ.
فكَلِمةُ (قمح) تمييزٌ منصوبٌ في المثالِ الأوَّلِ، ومجرورٌ بـ(مِن) في المثالِ الثَّاني، وبالإضافةِ في المثالِ الثَّالِثِ يُنظَر: ((توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك)) للمرادي (2/ 729)، ((إرشاد السالك إلى حل ألفية ابن مالك)) لبرهان الدين ابن القيم (1/ 432). .
3- تمييز الأعداد:
وهو الذي يفسِّرُ إبهامَ العَدَدِ قَبْلَه، وهذا يختَلِفُ حُكمُه من النَّصْبِ والجَرِّ باختلافِ العَدَد قبله، وسيأتي تفصيلُه.
- تمييز (كَمْ)، وهو نوعٌ من تمييز العدد؛ وذلك لأنَّ (كَمْ) كنايةٌ عن عددٍ مجهولِ الجِنسِ والمقدارِ، وهي على ضربينِ:
أ- استفهاميَّةٌ: بمعنى (أيِّ عددٍ)، ويستعملها مَن يسألُ عن كميَّةِ الشَّيءِ، وتمييزُها مُفرَدٌ منصوبٌ.
تَقولُ: كم كتابًا قرأتَ؟ فـ(كتابًا) تمييز مُفرَد منصوبٌ.
وإذا دخل عليها حَرفُ جَرٍّ يجوز جرُّه بـ(مِن) مقدَّرة، مِثلُ: بكمْ درهمٍ اشتريتَ؟
بكمْ: الباء حَرفُ جَرٍّ، كم: اسمُ استِفهامٍ مَبْنيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ جرٍّ، درهم: اسمٌ مَجرورٌ بـ"مِن" مُقدَّرة، وعَلامةُ جَرِّه الكَسْرةُ الظَّاهِرةُ.
كما يجوز نصْبُه أيضًا، فتَقولُ: بكمْ درهمًا اشتريتُ؟
ب- خَبَرية: بمعنى كثير، ويَستعملُها مَن يريد الافتخارَ والتكثيرَ.
- وتمييز (كم) الخَبَرية مجرورٌ دائمًا، فتَقولُ: كمْ كُتبٍ ملكتُ! فـ(كُتب) تمييزٌ مجرورٌ بإضافته إلى (كم).
- وقد يأتي تمييزها مُفرَدًا مجرورًا، وذلك نحو تمييز المائة فما فوقها، تَقولُ: كمْ كتابٍ ملكتُ! كما تَقولُ: مائةَ كتابٍ ملكتُ، وألفَ كتابٍ ملكتُ يُنظَر: ((شرح الكافية لابن الحاجب)) لرضي الدين الإستراباذي (3/ 154)، ((شرح قطر الندى وبل الصدى)) لابن هشام (ص: 238). .
4- ما دَلَّ على مماثَلة، نَحوُ: أنت مِثلي عِلمًا، وقَولِ الله تعالى: وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا [الكهف: 109] ؛ فكَلِمةُ (علمًا، مددًا) كل منهما تمييزٌ منصوب لكَلِمة (مِثْل).
أنت: ضميرٌ بارزٌ منفصِلٌ مَبْنيٌّ على الفَتحِ في مَحَلِّ رَفعٍ مُبتَدَأٌ، مِثلُي: مِثْلُ: خَبَرٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّة منع ظهورها اشتِغالُ المَحَلِّ بحَرَكةِ المُناسَبةِ، والياءُ ضَميرٌ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ جَرٍّ مُضافٌ إليه، علمًا: تمييز منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفتحةُ.
5- ما دلَّ على مُغايرةٍ: أنت غيري قَدْرًا.
كلُّ اسمٍ يدُلُّ على ذاتٍ صالحةٍ لأن تُصْنَعَ منه موادُّ مختلفةٌ، فيأتي التمييزُ لتعيينِ المادَّةِ التي صُنِعت منها هذه الذَّاتُ، مِثلُ: عندي خاتمٌ فضةً، وساعةٌ ذهبًا، وثوبٌ حَريرًا.
عندي: ظرفُ مكانٍ مَبْنيٌّ على الفَتحِ المقدَّرِ لاشتِغالِ المَحَلِّ بحَرَكةِ المُناسَبةِ، والياء ضَميرٌ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ جَرٍّ مُضافٌ إليه، وشِبهُ الجُملةِ خَبَر مُقَدَّم، خاتم: مُبتَدَأٌ مؤخَّرٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ، فضةً: تمييزٌ منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ.
وكلُّ هذه الأنواعِ -غيرَ تمييزِ العَدَدِ- يجوزُ نَصْبُها على التمييز، ويجوزُ جَرُّها بإضافة الاسم المميَّز إلى التمييزِ. تَقولُ: عندي خاتمٌ فضةً، وعندي خاتمُ فضةٍ. لكن يجب النَّصْب إذا كان الاسمُ فيه مضافًا قبْلَ تمييزِه، مِثْلُ قولك: أنا مِثلُك عِلمًا وغيرُك وَرَعًا؛ فإنَّ ما قبل التمييز هنا مضافٌ، فلا يمكِنُ إضافتُه يُنظَر: ((إرشاد السالك إلى حل ألفية ابن مالك)) لبرهان الدين ابن القيم (1/ 432)، ((شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو)) لخالد الأزهري (1/ 622). .
7- تمييزُ (أفعل) التفضيلِ:
كثيرًا ما يأتي بعد (أفعل) التفضيل اسمٌ نَكِرةٌ، كأن تَقولَ: زيدٌ أفضلُ فقيهٍ، وزيدٌ أكرمُ الناسِ رجلًا، وزيدٌ أعلى مَنزلةً.
ويختلف حُكمُ التمييزِ هنا بحسَبِ معنى (أفعل) التفضيل؛ فإنْ حَسُنَ أن تستبدِلَ بـ(أفعل) التفضيلِ فعلًا من جِنسه وتُسنِدَه إلى التمييزِ، وجَب نصبُ التمييزِ هنا، كقَولِك: زيدٌ أعلى منزلةً؛ إذ يجوز أن تَقولُ: زيدٌ يعْلو منزلةً، فهنا يجبُ نَصبُ التمييز. أمَّا إذا لم يحسُنْ ذلك، بل حَسُن وَضعُ (بعض) مكان (أفعل) وجب الجَرُّ على الإضافةِ، كقَولِك: زيدٌ أفضلُ فقيه؛ إذ لا يَصِحُّ أن تَقولَ: زيدٌ يَفضُلُ فقيهًا، وإنما يحسُنُ أن تَقولَ: زيدٌ بعضُ الفُقَهاءِ الأفاضِلِ. فهنا وجب الجرُّ على الإضافة، إلَّا أن يكونَ (أفعل) التفضيل مضافًا إلى غير التمييز، كقَولِك: زَيدٌ أكرَمُ النَّاسِ رَجُلًا؛ إذ يصِحُّ وَضعُ (بعض) موضِعَ (أكرم)، إلَّا أنَّ أفعل التفضيل أُضِيف إلى غيرِ التمييز، فلا يجوزُ إضافتُه إلى شيئينِ، فهنا يجب النَّصْبُ أيضًا يُنظَر: ((شرح الكافية الشافية)) لابن مالك (2/ 771)، ((توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك)) للمرادي (2/ 731). .

انظر أيضا: