موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ الأوَّلُ: تعريف التمييز


هو اسمٌ فيه معنى «مِن» الجنسيَّةِ، نَكِرةٌ مَنصوبةٌ فَضلةٌ غيرُ تابعٍ، تُمَيِّزُ إمَّا جُملةً أو مُفرَدًا يُنظَر: ((تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد)) لابن مالك (ص: 114). .
شرحُ التعريفِ:
قَولُنا: (اسم) احترز به عن الأفعالِ والحروفِ، فلا يكونُ التمييزُ إلَّا اسمًا.
وقَولُنا: (فيه معنى مِن) أخرج به الحالَ؛ فإنه ينطَبِقُ عليه كُلُّ القيودِ الآتية في تعريفِ التمييزِ إلَّا هذه؛ فإنَّ الحالَ تتضَمَّنُ معنى (في).
وقولنا: (معنى مِن الجنسِيَّة) أخرج به نحو المفعولِ الثاني لـ(أستغفر)؛ كقَولِ الشَّاعِر:
أسْتغفِر اللهَ ذنبًا لستُ مُحصِيه
ربَّ العبادِ إليه الوَجهُ والعَمَلُ
فإن كَلِمة (ذنبًا) نكرةٌ تضَمَّنَت معنى (مِن)، أي: أستغفر اللهَ من ذنبٍ، لكِنَّها ليست (مِن) الجِنسيَّة.
وقولُنا: (نكرة) خرج به نَحوُ قَولِك: محمدٌ حسنٌ وجْهُه؛ فإن فيها ما في: حسنٌ وجهًا.
وقولنا: (منصوبة) احترز به عن نَحوِ قَولِك: اشتريت رطْلَ زَيتٍ؛ فإن (زيت) احتوت كلَّ قيودِ التمييزِ إلَّا أنها أتت مجرورةً بالإضافةِ.
وقولنا: (فضلة) خرج به اسمُ (لا) النَّافِيةِ للجِنسِ، نَحوُ: لا خيرًا من زيدٍ فيها.
وخرج بقولنا: (غير تابع) بعضُ التوابع التي قد تتوافر فيها الشُّروطُ السَّابقة؛ كتابعِ العَدَدِ، نَحوُ قَولِك: أنفقتُ عَشرةَ دراهِمَ، وقَولِه تعالى: وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا [الأعراف: 160] يُنظَر: ((التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل)) لأبي حيان (9/ 205)، ((تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد)) لناظر الجيش (5/ 2353). .
مثالُ التمييزِ الذي توافرت فيه الشُّروطُ: قَولُه تعالى: إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا [يوسف: 4] ، وتَقولُ: اشتريتُ إردبًّا قَمْحًا.
فكَلِمَتَا (كوكبًا) و(قمْحًا) نكرتان، تضمَّنَتا معنى (مِن) الجِنسيَّة، والتقديرُ: من جنس الكواكِبِ، ومن جِنسِ القَمحِ، فضلتان غيرُ تابعتين، فسَّرتا المبهَمَ قبلهما؛ فـ(كوكبًا) فسَّرت الأحدَ عَشَرَ التي رآها يوسف، وقمْحًا فسَّرت الإردَبَّ الذي اشتراه المُتكَلِّمُ.
وليس المرادُ بتَضمُّنه معنى (مِنْ) أنَّه يَقبَلُ دُخولَها عليه؛ فمِن التَّمييزِ ما يَقبَلُ دُخولَها، كما في قولِنا: للهِ درُّه فارسًا: مِن فارسٍ، وهذا ثوبٌ حَريرًا: مِن حَريرٍ. ومنها ما لا تَدخُلُ عليه (مِن)، نحو: أقبلَ خمسةَ عشَرَ رجلًا، فلا تقولُ فيه: مِن رجُلٍ.
وإنَّما التَّضمُّنُ أمرٌ يعودُ إلى المعنى، فمَعنى (أقبلَ خمسةَ عشرَ رجُلًا: مِن الرِّجالِ)، وليس الأمرُ ملفوظًا به ينظر: ((معاني النحو)) للسامرائي (2/745). .

انظر أيضا: