موسوعة اللغة العربية

الفَصلُ الرَّابِعَ عَشَرَ: مُحَمَّد محيي الدِّينِ عبد الحَمِيد (ت: 1392هـ)


مُحَمَّد مُحيي الدِّين بنِ عبدِ الحَميدِ، المِصْريُّ، العَلَّامةُ النَّحْويُّ، المحَقِّقُ.
مَوْلِدُه:
سَنةَ ثماني عَشْرةَ وثلاثِ مِائةٍ وألْفٍ.
مَنْزِلَتُه وَمَكَانَتُه:
كان نَزَّاعًا للعِلمِ، مَشغوفًا به مُنذُ نَشأتِه الأولَى، تَدَرَّجَ مِنَ المَرحَلة الِابتِدائيَّة إلَى المَرحَلةِ الثَّانَويَّة فالمَرحَلة الجامِعيَّة، حَتَّى حَصَلَ على دَرَجة التَّخَصُّصِ في التَّدريسِ، وزامَلَ الكِبارَ مِن أساتِذَتِه وشُيوخِه مُزامَلةً خِصْبةً مُثْمِرةً، فاعتَرَفوا بفَضْلِه وعِلمِه، واختارَه شَيخُ الأزهَرِ مُحاضِرًا في المُناسَباتِ الدِّينيَّة العامَّة بالجامِعِ الأزهَرِ، وكان مِن خِيرةِ أعضاءِ هيئةِ التَّدريسِ الَّذينَ خَدَموا العِلمَ في الدِّراساتِ العُليا، وتَدَرَّجَ في وظائِفِ الكُليَّة؛ حَيثُ عُيِّن وَكيلًا، ثُمَّ عَميدًا لِكُلِّيَّة اللُّغة العَربيَّة، واشتَرَكَ في وَضعِ مَناهجَ لِلعُلومِ الشَّرعيَّة في الحُقوقِ بكُليَّة جَوردون في السُّودان، ولَمَّا رَجَعَ عُيِّنَ مُفتِّشًا بالمَعاهِد الدِّينيَّة، ثُمَّ أستاذًا بكُلِّيَّة أُصولِ الدِّينِ، ثُمَّ اختِيرَ مَديرًا لِتَفتيشِ العُلومِ الدِّينيَّة والعَرَبيَّة بالجامِعِ الأزهرِ، ثُمَّ عَميدًا لِكُلِّيَّة اللُّغة العَربيَّة، وكان عُضوًا في لَجنةِ الفتَوى بالأزهَرِ، ثُمَّ تَولَّى رِئاسَتَها، واختِيرَ عُضوًا في مَجْمَعِ اللُّغةِ العَربيَّة بالقاهِرةِ، وكَما خَدَمَ الشَّيخُ مُحَمَّدٌ مُحيي الدِّينِ عَبد الحَميدِ اللُّغةَ العَرَبيَّةَ وعُلومَها وتُراثَها خَدَمَ كَذَلِكَ عُلومَ السُّنَّة النَّبَويَّة، رِوايةً ودِرايةً، وقامَ بالتَّحقيقِ والتَّعليقِ، والتَّنظيمِ والتَّنسيقِ، وقَد عالَج مُعظَمَ كُتُبِ النَّحوِ المُتَداولةِ بَينَ طَلَبةِ العِلمِ وذَوي الِاختِصاصِ اللُّغَويِّ العَميقِ، لِتَيسيرِ دِراسَتِها وتَذليلِ قِراءَتِها بالشُّروحِ والتَّعليقاتِ.
عَقيدتُه:
يبدو من مُؤَلَّفاتِ الشَّيخِ أنَّه كان أشعريًّا يُؤَوِّلُ الصِّفاتِ، يَشهَدُ لهذا قَولُه في التَّعليقِ على قَولِ ابنِ هِشامٍ: ((ويجوزُ أن يُحذَفَ ما عُلِمَ مِن مضافٍ ومُضافٍ إليه، فإن كان المحذوفُ المضافَ، فالغالِبُ أن يخلُفَه في إعرابِه المضافُ إليه، نحوُ: وَجَاءَ رَبُّكَ [الفجر: 22] ، أي: أمرُ ربِّك)). قال: ((وخيرٌ من تقديرِ المؤلِّفِ المحذوفَ بـ "أَمْر" تقديرُه بـ "رَسُول"؛ لأنَّ الأمرَ مِن المعاني، والمجيءُ لا يتعَلَّقُ إلَّا بالأجسامِ، ومِن أجْلِ أنَّ اللهَ سُبحانَه مُنَزَّهٌ عن الجِسْميَّةِ وَجَب تقديرُ مُضافٍ مُناسِبٍ)) [783] ينظر: ((أوضح المسالك لابن هشام)) تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد (3/167). .
وقال أيضًا: ((ذَهَب إمامُ أهلِ السُّنَّةِ أبو الحَسَنِ الأشعَريُّ إلى أنَّ أوَّلَ شيءٍ يجِبُ على المكَلَّفِ هو مَعرِفةُ اللهِ تعالى، وهو الذي جرى عليه المصَنِّفُ)) [784] ينظر: ((إتحاف المريد بجوهرة التوحيد)) للقاني، وعليها ((النظام الفريد بتحقيق جوهرة التوحيد)) لمحمد محيي الدين عبد الحميد (ص: 41). .
وقال أيضًا: ((وأمَّا الإيمانُ في عُرفِ أهلِ الشَّرعِ؛ فقد اختلف العُلَماءُ في تحديدِ معناه على خَمسةِ أقوالٍ: أوَّلُها وهو مَذهَبُ جُمهورِ المحَقِّقينَ من الأشاعِرةِ والماتُريديَّةِ: أنَّه التصديقُ بما عُلِمَ مجيءُ النَّبيِّ به ضرورةً ... المذهَبُ الخامِسُ، وهو مَذهَبُ جماعةٍ مِن أهلِ السُّنَّةِ، منهم القَلانسيُّ، وجماعةٍ مِنَ المعتَزِلةِ منهم النَّجَّارُ، وهو أيضًا مَذهَبُ الكَثيرينَ مِن أهلِ الحديثِ: أنَّ الإيمانَ هو التَّصديقُ بالجَنانِ، والإقرارُ باللِّسانِ، والعَمَلُ بالأركانِ ... والذي تطمَئِنُّ إليه النَّفْسُ من هذه المذاهِبِ أنَّ الإيمانَ هو التَّصديقُ وَحْدَه، كما ذَهَب إليه محَقِّقو الأشاعِرةِ والماتُريديَّةِ)) [785] ينظر: ((إتحاف المريد بجوهرة التوحيد)) للقاني، وعليها ((النظام الفريد بتحقيق جوهرة التوحيد)) لمحمد محيي الدين عبد الحميد (ص: 49). .
مُصَنَّفَاتُه:
مِن مُصَنَّفَاتِه: كتاب: ((التُّحفة السَّنِيَّة بشرح المقَدِّمة الآجُرُّومية)) وكتاب: ((تنقيح الأزهريَّة))، وكتاب: ((شَرْح ألفيَّة السُّيوطي))، وكتاب: ((أحكام المواريث على المذاهِب الأربعة)) وكتاب: ((دُروس التصريف))، وكتاب: ((الأحوال الشَّخصيَّة في الشَّريعة الإسلاميَّة)).
وَفَاتُه:
تُوفِّي سَنةَ اثنَتَين وتسعين وثلاثِ مِائةٍ وألْفٍ [786] يُنظَر: ((الأعلام)) للزركلي (7/ 92)، ((الأزهر في ألف عام)) (3/ 112)، ((النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين)) (2/ 152-142)، ومجلة ((مجمع اللغة العربية)) (20/ 92) سنة 1966م، و(32/ 186) سنة 1973م، ((مجلة صوت الأزهر))، عدد المحرم،1422هـ. .

انظر أيضا: