موسوعة اللغة العربية

الفَصلُ الخامِسُ: إبراهيمُ البَاجُوري (ت: 1277 هـ)


إبراهيمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أحمَدَ الباجوريُّ، المِصْريُّ، النَّحْويُّ.
مَوْلِدُه:
وُلِد سَنةَ ثمانٍ وتسعين ومِائةٍ وألف.
مِن مَشَايِخِه:
الشيخ مُحَمَّدٌ الأميرُ الكبيرُ، والشَّيخُ عبدُ اللهِ الشَّرقاويُّ.
سَبَبُ تَسْمِيَتِه بالباجوريِّ:
سُمِّيَ بذلك نِسبةً إلى الباجُورِ، وهي مِن قُرى المنوفيَّةِ بمِصرَ.
مَنْزِلَتُه وَمَكَانَتُه:
كان إبراهيمُ البَاجُوريُّ من فُقَهاءِ الشَّافِعيَّةِ، وقد وُلِدَ ونشأ بقريةِ الباجورِ، وتَعلَّم في الجامِعِ الأزهَرِ، ولم يَزَلْ مُتَرَقّيًا حَتَّى تَولَّى مَشْيخةَ الجامِعِ الأزهَرِ سَنة 1263هـ، ولَمَّا انتَهت إلَيه رِئاسةُ الأزهَرِ لم يَزَلْ مُستَمِرًّا على مُلازَمةِ التَّدريسِ مَعَ القيامِ بشُئونِ المَشْيَخةِ إلَى أن تُوُفِّيَ.
عَقيدتُه:
كان الباجوريُّ أشعَرِيَّ العقيدةِ، يَظهَرُ ذلك في كُتُبِه ومُؤَلَّفاتِه؛ منها قَولُه: ((المقصودُ أنَّ المعرفةَ وَجَبَت بالشَّرعِ لا بالعَقلِ، وليس المقصودُ تقييدَ التكليفِ بالشَّرعِ، وهذا مَذهَبُ الأشاعِرةِ وجَمعٍ مِن غَيرِهم؛ فمَعرِفةُ اللهِ وَجَبَت عِندَهم بالشَّرعِ، وكذلك سائِرُ الأحكامِ؛ إذ لا حُكْمَ قَبْلَ الشَّرعِ لا أصليًّا ولا فَرْعيًّا. وذهَبَت المُعتَزِلةُ إلى أنَّ الأحكامَ كُلَّها ثَبَتَت بالعَقلِ ... والحَقُّ أنَّ العَقْلَ لا يَستَقِلُّ بشَيءٍ، فتلخَّص أنَّ المذاهِبَ ثلاثةٌ:
مَذهَبُ الأشاعِرةِ: وهو أنَّ الأحكامَ كُلَّها ثَبَتَت بالشَّرعِ لكِنْ بشَرَطِ العَقلِ. والثَّاني: مَذهَبُ الماتُريديَّةِ: وهو أنَّ وُجوبَ المعرِفةِ ثَبَت بالعَقْلِ دونَ سائِرِ الأحكامِ. والثَّالِثُ: مَذهَبُ المعتَزِلةِ: وهو أنَّ الأحكامَ كُلَّها ثبَتَت بالعَقلِ))
[754] ينظر: ((تحفة المريد على جوهرة التوحيد)) للباجوري (ص: 70). .
وقال أيضًا: ((وجملةُ الأقوالِ في أوَّلِ الواجِباتِ اثْنا عَشَرَ قَولًا: أوَّلُها: ما قاله الأشعَريُّ إمامُ هذا الفَنِّ أنَّه المعرِفةُ. وثانيها: ما قاله الأستاذُ أبو إسحاقَ الإِسْفرايينيُّ أنَّه النَّظَرُ الموصِلُ للمَعرِفةِ، ويُعْزى للأشعَريِّ أيضًا. وثالِثُها: القاضي الباقِلَّانيُّ أنَّه أوَّلُ النَّظَرِ، أي: المقَدِّمةُ الأُولى، منه، نحوُ قَولِك: العالَمُ حادِثٌ، وكُلُّ حادِثٍ لا بُدَّ له من محْدِثٍ؛ فمجموعُ المقَدِّمتينَ هو النَّظَرُ، والمقَدِّمةُ الأُولى هي أوَّلُ النَّظَرِ. ورَابِعُها: ما قاله إمامُ الحَرَمينِ أنَّه القَصْدُ إلى النَّظَرِ، أي: تفريغُ القَلبِ عن الشَّواغِلِ، وعُزِيَ للقاضي أيضًا. وخامِسُها: ما قاله بعضُهم أنَّه التقليدُ. وسادِسُها: أنَّه النُّطقُ بالشَّهادتينِ. وسابِعُها: ما قاله أبو هاشِمٍ في طائفةٍ مِنَ المُعتَزِلةِ وغَيرِهم أنَّه الشَّكُّ، ورُدَّ بأنَّه مطلوبٌ زوالُه؛ لأنَّ الشَّكَّ في شَيءٍ من العقائِدِ كُفرٌ، فلا يكونُ مطلوبًا حُصولُه، ولعلَّهم أرادوا ترديدَ الفِكْرِ فيَؤُولُ إلى النَّظَرِ. وثامِنُها: أنَّه الإيمانُ. وتاسِعُها: أنَّه الإسلامُ، وهذان القَولانِ متقاربانِ مَردودان باحتياجِ كُلٍّ من الإيمانِ والإسلام ِللمعَرفةِ. وعاشِرُها: اعتِقادُ وُجوبِ النَّظَرِ)) [755] ينظر: ((تحفة المريد على جوهرة التوحيد)) للباجوري (ص: 82). .
وقال أيضًا: ((وذهَبَت المُعتَزِلةُ إلى أنَّ العَمَلَ شَطرٌ من الإيمانِ؛ لأنَّهم يقولونَ بأنَّه العَمَلُ والنُّطقُ والاعتِقادُ؛ فمن تَرَك العمَلَ فليس بمؤمِنٍ؛ لفَقدِ جُزءٍ مِن الإيمانِ، وهو العَمَلُ، ولا كافِرٍ؛ لوُجودِ التصديقِ، فهو عِندَهم مَنزِلةٌ بين المَنِزلَتينِ، أي: بين المؤمِنِ والكافِرِ، ويُخَلَّدُ في النَّارِ ويُعَذَّبُ بأقَلَّ مِن عذابِ الكافِرِ، والخوارِجُ يُكَفِّرون مُرتَكِبَ الكبائِرِ. وإنَّما كان المختارُ هو الأوَّلَ؛ لأنَّ الإيمانَ في اللُّغةِ التَّصديقُ، فيُستعمَلُ شَرْعًا في تصديقٍ خاصٍّ، ولا دليلَ على نَقْلِه للثَّلاثةِ كما زَعَمه المعتَزِلةُ، وقد دلَّت النُّصوصُ على ثبوتِ الإيمانِ قَبْلَ الأوامِرِ والنَّواهي، وعلى أنَّ الإيمانَ والعَمَلَ الصَّالحَ متغايرانِ، وعلى أنَّ الإيمانَ والمعاصيَ يجتَمِعانِ)) [756] ينظر: ((تحفة المريد على جوهرة التوحيد)) للباجوري (ص: 95). .
مُصَنَّفَاتُه:
مِن مُصَنَّفَاتِه: كتاب: ((شَرْح نَظْم الترصيف في فن التصريف))، وكتاب: ((شرح على منظومة العمريطي))، وكتاب: ((فتح الخبير اللطيف)) في الصرف، وكتاب: ((التُّحفة الخيرية)) حاشية على الشنشورية في الفرائض، وكتاب: ((تحفة المُريد على جوهرة التوحيد))، وكتاب: ((تحقيق المقام)) حاشية على كفاية العوام للفضالي في علم الكلام، وكتاب: ((المواهب اللَّدُنِّية)) حاشية على شمائل التِّرمذي، وكتاب: ((الدُّرَر الحِسان فيما يحصل به الإسلام والإيمان)).
وَفَاتُه:
تُوفِّي بالقاهرة سَنةَ سبعٍ وسبعينَ ومِائَتَينِ وألفٍ [757] يُنظَر: ((حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر)) لعبد الرزاق البيطار (1/ 7)، ((الأعلام)) للزركلي (1/ 71)، ((هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين)) لإسماعيل الباباني (1/ 41)، ((معجم المؤلفين)) لعمر رضا كحالة (1/ 84). .

انظر أيضا: