موسوعة اللغة العربية

الفَصلُ الخامِسُ عَشَرَ: ابنُ الحاجِبِ (ت:646هـ)


أبو عَمرٍو جَمالُ الدِّينِ عُثمانُ بنُ عُمرَ بنِ أبي بَكرِ بنِ يُونسَ، الدونيُّ الكُرْديُّ الإسنائيُّ، الدوينيُّ الأصلِ، ثُمَّ المِصريُّ، المَعروفُ بابنِ الحاجِبِ، كان والِدُه حاجِبًا لِلأميرِ عِزِّ الدِّينِ موسك الصَّلاحيِّ، فعُرِف به، الفَقيهُ المالِكيُّ، المُقرِئُ، النَّحْويُّ.
مَوْلِدُه:
وُلِدَ بإِسْنا سَنةَ سبعين وخَمسِ مِائةٍ.
مِن مَشَايِخِه:
الشَّاطبيُّ، الشِّهابُ الغزنَويُّ، وأبو القاسِمِ البُوصيريُّ، وإسماعيلُ بنُ ياسينَ، وبهاءُ الدِّينِ القاسِمُ ابنُ عَساكِرَ، وفاطِمةُ بنتُ سَعدِ الخَيرِ.
ومِن تَلَامِذَتِه:
المُنذِريُّ، والدِّمياطيُّ، وأبو مُحَمَّدٍ الجزائريُّ، وأبو إسحاقَ الفاضِليُّ، وأبو عَلِيِّ بنُ الخلَّالِ، وأبو الحَسَنِ بنِ البَقَّالِ، ورَضِيُّ الدِّينِ القسرطينيُّ.
مَنْزِلَتُه وَمَكَانَتُه:
الشَّيخُ الإمامُ العَلَّامةُ، الأُصوليُّ الثِّقةُ، الحُجَّة، المُتقِنُ، المُناظِرُ، المُبرَّزُ في عِدَّة عُلومٍ، المُتَبَحِّرُ، مِن أذكياءِ العالَمِ، ومِن أحسَنِ خَلْقِ اللهِ ذِهنًا، رَأسًا في العَرَبيَّة وعِلمِ النَّظَرِ، رُكنًا مِن أركانِ الدِّينِ في العِلمِ والعَمَلِ، بارِعًا في العُلومِ الأصوليَّة وتَحقيقِ عِلمِ العَرَبيَّة، صاحِبُ دِينٍ ووَرَعٍ، كان مُتَواضِعًا عَفيفًا مُنْصِفًا مُحِبًّا لِلعِلمِ وأهلِه، ناشِرًا له، صَبُورًا على البَلوى، مُحتَمِلًا لِلأذَى، اشتَغَلَ بالعَرَبيَّة والقِراءاتِ، وبَرعَ في عُلومِها وأتقَنُها غايةَ الإتقانِ.
عَقيدتُه:
ذكَرَ ابنُ الحاجِبِ أنَّ أباه سمَّاه عُثمانَ نِكايةً في الرَّوافِضِ [562] ينظر: ((الوافي بالوفيات)) للصفدي (19/ 323) .
وقد ظَهَر في مُصَنَّفاتِه ما يدُلُّ على أنَّه كان على مَذهَبِ الأشعَريِّ؛ فمِن ذلك قَولُه: ((ولا يُسَلَّمُ على أهلِ القَدَرِ مِنَ المُعتَزِلةِ والرَّوافِضِ والخوارِجِ وغَيرِهم، ولا على أهلِ الأباطيلِ واللَّهْوِ حالَ تَلَبُّسِهم به)) [563] ينظر: ((جامع الأمهات)) لابن الحاجب (ص: 567). .
ومنه قَولُه: ((وأمَّا قَولُه: فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ [المؤمنون: 28] فإنَّما أتى بـ (على) لِما في الاستواءِ مِن معنى الاستِعلاءِ. ألا ترى إلى قَولِه: ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الأعراف: 54] وقَولِه: قد استوى بِشْرٌ على العِراقِ)) [564] ينظر: ((أمالي ابن الحاجب)) (1/ 256) .
ومنه قَولُه في مسألةِ الاسمِ والمُسَمَّى: ((في ذلك خِلافٌ؛ منهم من يقولُ: الاسمُ هو التَّسميةُ، وهو مَذهَبُ المُعتَزِلةِ والنَّحويِّينَ وكثيرٍ مِن الفُقَهاءِ، ومنهم من يقولُ: الاسمُ هو المسمَّى، وهو مَذهَبُ الأشعريِّ، ولا خِلافَ أنَّه يُطلَقُ الاسمُ على المسمَّى وعلى التَّسْميةِ، وإنَّما الخِلافُ في أنَّه هل هو في التَّسميةِ مجازٌ وفي المسمَّى حقيقةٌ أو بالعَكْسِ؟ فالأوَّلُ مَذهَبُ الأشعريِّ، والثَّاني مَذهَبُ المُعتَزِلةِ، وهو اختِلافٌ لفظيٌّ لا يتعلَّق باعتقادٍ ولا بحقيقةٍ، وفي القُرآنِ ظواهِرُ في المذهَبَينِ)) [565] ينظر: ((الإيضاح في شرح المفصل)) لابن الحاجب (ص: 399). .
مُصنَّفاتُه:
مِن مُصَنَّفَاتِه: كتاب: ((جامِع الأمَّهات))، وكتاب: ((المختَصَر في الأُصول))، وكتاب: ((مُنتهى السُّول))، وكتاب: ((المختَصَر في الفِقه))، وكتاب: ((الشَّافية في التصريف))، وكتاب: ((الأمالي النَّحْوية)).
وَفَاتُه:
تُوفِّي سَنةَ سِتٍّ وأربعينَ وسِتِّ مِائةٍ [566] يُنظر: ((وفيات الأعيان)) لابن خلكان (3/ 248)، ((تاريخ الإسلام)) للذهبي (14/ 551)، ((الوافي بالوفيات)) للصفدي (19/ 321)، ((الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب)) لابن فرحون (2/ 86)، ((سلم الوصول إلى طبقات الفحول)) لحاجي خليفة (2/ 333)، ((شجرة النور الزكية في طبقات المالكية)) لمحمد مخلوف (1/ 241). .

انظر أيضا: