موسوعة اللغة العربية

الفَصلُ الثَّامِنُ: الزَّمَخْشَريُّ (ت: 538 هـ)


أبو القاسِمِ جارُ اللهِ، محمودُ بنُ عُمَرَ بنِ أحمَدَ الزَّمخشَريُّ، فَخْرُ خوارِزْمَ، الحنفيُّ، النَّحْويُّ.
مَوْلِدُه:
وُلِد سَنةَ سَبعٍ وسِتِّين وأربَعِ مِائةٍ.
مِن مَشَايِخِه:
أبو مُضَرَ محمودُ بنُ جَريرٍ الضَّبِّيُّ، وأبو عليٍّ الحَسَنُ بنُ المُظَفَّرِ النَّيسابوريُّ، وأبو منصورٍ نصرٌ الحارثيُّ، وأبو سَعدٍ الشقانيُّ.
ومِن تَلَامِذَتِه:
أبو عَمرٍو عامِرُ بنُ الحَسَنِ السمارُ، وأبو المحاسِنِ إسماعيلُ بنُ عَبدِ اللهِ الطويليُّ، وأبو المحاسِنِ عبد الرَّحيمِ بنُ عبدِ اللهِ البزَّازُ، والموفَّقُ بنُ أحمَدَ بنِ أبي سعيدٍ، وأبو يوسُفَ يَعقوبُ بنِ جَعفَرٍ البَلخيُّ.
مَنْزِلَتُه وَمَكَانَتُه:
كان واسِعَ العِلمِ، كَثيرَ الفَضلِ، غايةً في الذَّكاءِ وجَودةِ القريحةِ، مُتفَنِّنًا في كُلِّ عِلمٍ، معتزليًّا قويًّا في مَذهَبِه، مجاهرًا به، أستاذَ الدُّنيا، وشَيخَ العَرَبِ والعَجَمِ، كان ممَّن يُضرَبُ به المَثَلُ في عِلمِ الأدَبِ والنَّحْوِ واللُّغةِ، وكان أعرَجَ يمشي في رِجلٍ مِن خَشَبٍ، وكان ذا فَضلٍ غَزيرٍ، ما دخل بلدًا إلَّا واجتَمَعوا عليه وتتلمَذوا له، واستفادوا منه، وكان علَّامةَ الأدَبِ، ونسَّابةَ العَرَبِ.
عَقيدتُه:
قال القِفْطي: ((وكان متحَقِّقًا بالاعتِزالِ)) [485] ينظر: ((إنباه الرواة على أنباه النحاة)) للقفطي (3/ 270). . وقال ابنُ خَلِّكانَ: ((وكان الزَّمخشَريُّ المذكورُ مُعتَزِليَّ الاعتِقادِ متظاهِرًا به، حتى نُقِلَ عنه أنَّه كان إذا قَصَد صاحبًا له واستأذَنَ عليه في الدُّخولِ يقولُ لِمن يأخُذُ له الإذْنَ: قُلْ له: أبو القاسِمِ المُعتَزِليُّ بالبابِ)) [486] ينظر: ((وفيات الأعيان)) لابن خلكان (5/ 170). .
وقد انتشر في كُتُبِه نَزعتُه الاعتِزاليَّةُ؛ فمنها قَولُه في تأويلِ صِفةِ الغَضَبِ: ((فإنْ قُلتَ: ما معنى غَضَبِ اللهِ؟ قلتُ: هو إرادةُ الانتِقامِ من العُصاةِ، وإنزالُ العُقوبةِ بهم، وأن يفعَلَ بهم ما يفعَلُه الملِكُ إذا غَضِبَ على من تحتَ يَدِه، نعوذُ باللهِ مِن غَضَبِه، ونسألُه رِضاه ورَحْمَتَه)) [487] ينظر: ((الكشاف)) للزمخشري (1/17). .
وقال أيضًا في خَلقِ أفعالِ العِبادِ: ((فإنْ قُلتَ: فلمَ أُسنِدَ الخَتمُ إلى اللهِ تعالى، وإسنادُه إليه يدُلُّ على المنعِ مِن قَبولِ الحَقِّ والتوصُّلِ إليه بطُرُقِه، وهو قبيحٌ، واللهُ تعالى عن فِعْلِ القبيحِ عُلُوًّا كبيرًا؛ لعِلْمِه بقُبْحِه وعِلْمِه بغِناه عنه)) [488] ينظر: ((الكشاف)) للزمخشري (1/49). .
وقال أيضًا: ((فإنْ قُلتَ: كيف قيلَ: عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وفي الأشياءِ ما لا تعَلُّقَ به للقادِرِ، كالمُستحيلِ وفِعْلِ قادرٍ آخَرَ؟ قُلْتُ: مَشروطٌ في حَدِّ القادِرِ أن لا يكونَ الفِعْلُ مُستحيلًا؛ فالمُستحيلُ مُستثنًى في نَفْسِه عندَ ذِكْرِ القادِرِ على الأشياءِ كُلِّها، فكأنَّه قيلَ: على كُلِّ شيءٍ مستقيمٍ قَديرٌ)) [489] ينظر: ((الكشاف)) للزمخشري (1/88). .
وقال: ((والفاسِقُ في الشَّريعةِ: الخارجُ عن أمرِ اللهِ بارتِكابِ الكبيرةِ، وهو النَّازِلُ بين المنزلتَينِ، أي: بَيْنَ مَنزِلةِ المؤمِنِ والكافِرِ)) [490] ينظر: ((الكشاف)) للزمخشري (1/119). .
وقال: ((فالمعنى أنَّ الأبصارَ لا تتعلَّقُ به ولا تُدرِكُه؛ لأنَّه مُتعالٍ أن يكونَ مُبْصَرًا في ذاتِه؛ لأنَّ الأبصارَ إنما تتعلَّقُ بما كان في جِهةٍ أصلًا أو تابعًا، كالأجسامِ والهيئاتِ)) [491] ينظر: ((الكشاف)) للزمخشري (2/54). .
مُصَنَّفَاتُه:
مِن مُصَنَّفَاتِه: كتاب: ((الكشَّاف في تفسير القرآن)) وكتاب: ((أساس البلاغة))، وكتاب: ((المستقصى في أمثال العَرَب))، وكتاب: ((الفائِق في غريب الحديثِ والأثر))، وكتاب: ((المُفصَّل في صنعةِ الإعرابِ))، وكتاب: ((الكَلِم النَّوابغ)).
وَفَاتُه:
تُوفِّي سَنةَ ثمانٍ وثلاثينَ وخَمسِ مِائة [492] يُنظَر: ((إنباه الرواة على أنباه النحاة)) للقفطي (3/ 265)، ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (20/ 152)، ((الجواهر المضية في طبقات الحنفية)) (2/ 160)، ((بغية الوعاة)) للسيوطي (2/ 279). .

انظر أيضا: