موسوعة اللغة العربية

الفَصلُ الأربعون: أَبُو الحَسَنِ الرُّمَّانِيُّ (ت: 384 هـ)


أَبُو الحَسَن عَلِيُّ بن عِيسَى، العَلَّامَة، النَّحْويُّ، السَّامرَّائي، المُعْتَزلِي الرَّافِضِي، المَعْرُوف بالرُّمَّانِي.
مَوْلِدُه:
وُلِدَ سَنةَ ستٍّ وتسعينَ ومِائَتَينِ.
مِن مَشَايِخِه:
الزَّجَّاج، وابنُ دُرَيْد، وأبو بكر ابن السَّرَّاج.
ومِن تَلَامِذَتِه:
أَبُو القَاسِم التَّنُوخِي، والجَوْهَرِيُّ، وهِلالُ بنُ المُحَسِّن.
سَبَب تَسْمِيَتِه بالرُّمَّانِي:
سُمِّي بالرُّمَّانِي إمَّا نِسْبَةً إلى بيع الرُّمَّان، أو إلى قَصْرِ الرُّمَّان، وهو قَصْرٌ بوَاسِط مَعْرُوفٌ، وقد نُسِب إلى هذا وهذا خَلْقٌ كَثِيرٌ.
مَنْزِلَتُه وَمَكَانَتُه:
كان أَبُو الحَسَنِ الرُّمَّانِيُّ معتزليًّا رافضيًّا، مِن كِبَار النُّحَاة، مُتْقِنًا لِعُلُومٍ كَثِيرَة؛ مِنْها: النَّحْوُ، واللُّغَةُ، والتَّفْسِيرُ، والقِرَاءَات، والفِقْهُ، والكَلَام على مَذْهَبِ المُعْتَزِلَة.
أَصْلُه مِن سَامَرَّاءَ، ومَوْلِدُه ووَفَاتُه ببَغْدَاد.
وقد جمع أَبُو الحَسَنِ الرُّمَّانِي بين عِلْم الكَلَام والعَرَبِيَّة، ومَزَج النَّحْوَ بالمَنْطِقِ حتى قال أَبُو عَلِي الفَارِسِيُّ: (إِن كَانَ النَّحْوُ مَا يَقُولُه الرُّمَّانِي فَلَيْس مَعنا مِنْه شَيْء، وإِن كان مَا نقُولُه نَحْن؛ فَلَيْس مع الرُّمَّانِي مِنْه شَيْء!)، وكان يُقَال: (النَّحْويون فِي زَمَاننَا ثَلَاثَة: وَاحِد لَا يُفْهَمُ كَلَامُه، وَهُوَ الرُّمَّانِي، وَوَاحِدٌ يُفْهَمُ بَعْضُ كَلَامِه وَهُوَ الفَارِسِي، وَوَاحِدٌ يُفْهَمُ جَمِيعُ كَلَامِه بِلَا أستاذٍ وَهُوَ السِّيرَافِي) [390] ينظر: ((معجم الأدباء)) لياقوت الحموي (4/1826)، ((الوافي بالوفيات)) للصفدي (21/248). .
عقيدتُه:
مُعْتَزلِيٌّ رافِضِيٌّ، كان يتشَيَّعُ ويَذْهَبُ إلى أنَّ عَلِيَّ بنَ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه هو أفضَلُ النَّاسِ بعد رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويقولُ: (عَلِيٌّ أفْضَلُ الصَّحَابَةِ) [391] ينظر: ((معجم الأدباء = إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب)) لياقوت الحموي (4/ 1826)، ((ميزان الاعتدال)) للذهبي (3/ 149). .
وقد ظهر ذلك في كُتُبِه؛ فمن ذلك قَولُه في "اللُّطْف الإلهي": ((ومِن ذلك قَولُه عزَّ وجَلَّ: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا [الأعراف: 175] ثمَّ قال: فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ [الأعراف: 176] فهذا بيانٌ قد أخرج ما لا تَقَعُ عليه الحاسَّةُ إلى ما تَقَعُ عليه، وقد اجتَمَعا في تَرْكِ الطَّاعةِ على وَجهٍ مِن وُجوهِ التدبيرِ وفي التَّخسيسِ؛ فالكَلْبُ لا يطيعُك في تَرْكِ اللَّهثِ حمَلْتَ عليه أو تَرَكْتَه، وكذلك الكافِرُ لا يُطيعُ بالإيمانِ على رِفقٍ ولا على عُنفٍ، وهذا يدُلُّ على حِكمةِ اللهِ سُبحانَه وتعالى في أنَّه لا يمنَعُ اللُّطْفَ)) [392] ينظر: ((النكت في إعجاز القرآن)) للرماني (ص: 82). .
ومنه قَولُه في مسألةِ العَدْلِ الإلهيِّ: ((قال اللهُ عزَّ وجَلَّ: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [الفرقان: 23] حقيقةُ «قَدِمْنا» هنا: عَمَدْنا، و«قَدِمْنَا» أبلَغُ منه؛ لأنَّه يدُلُّ على أنَّه عامَلَهم معامَلةَ القادِمِ مِنَ السَّفَرِ؛ لأنَّه عامَلَهم من أجْلِ إمهالِه لهم كمُعامَلةِ الغائِبِ عنهم، ثم قَدِمَ فرآهم على خِلافِ ما أمرهم. وفي هذا تحذيرٌ من الاغتِرارِ بالإمهالِ، وبالمعنى الذي يجمَعُهما العَدْلُ؛ لأنَّ العَمْدَ إلى إبطالِ الفاسِدِ عَدْلٌ)) [393] ينظر: ((النكت في إعجاز القرآن)) للرماني (ص: 86). .
وقال أيضًا: ((وأمَّا الصَّرْفَةُ فهي صَرْفُ الهِمَمِ عن المُعارَضةِ، وعلى ذلك كان يعتَمِدُ بَعْضُ أهلِ العِلْمِ في أنَّ القُرآنَ مُعجِزٌ مِن جِهةِ صَرْفِ الهِمَمِ عن المعارَضةِ، وذلك خارِجٌ عن العادةِ كخُروجِ سائِرِ المُعجِزاتِ التي دلَّت على النبُوَّةِ، وهذا عِنْدَنا أحَدُ وُجوهِ الإعجازِ التي يَظهَرُ منها للعُقولِ)) [394] ينظر: ((النكت في إعجاز القرآن)) للرماني (ص: 110). .
ويَكفي أنَّه وضَعَ بعضَ المؤلَّفاتِ في نُصرةِ الاعتزالِ والرَّدِّ على أهلِ السُّنَّةِ، مِثلُ: صَنعةِ الاستدلالِ، ومَقالةِ المعتزلةِ، وأدلَّةِ التَّوحيدِ، والأسماءِ والصِّفاتِ للهِ، والرُّؤيةِ، وشَرحِ الأسماءِ والصِّفاتِ لأبي عَليٍّ.
مُصَنَّفَاتُه:
مِن مُصَنَّفَاتِه: كتاب: ((الجامع لعلم القُرآنِ)) في تفسير القُرآنِ، وكتاب: ((الجُمَل))، وكتاب: ((صنعة الاسْتدلالِ)) في الاعتزالِ، وكتاب: ((الأَسمَاء وَالصِّفَات))، وكتاب: ((الأَكْوان))، وكتاب: ((المَعْلُوم وَالمجهول)).
وَفَاتُه:
تُوفِّي سَنةَ أربعٍ وثَمانينَ وثلاثِ مِائة [395] يُنظَر: ((تاريخ العلماء النحويين)) للتنوخي (ص 30)، ((تاريخ بغداد)) للخطيب البغدادي (13/ 462)، ((نزهة الألباء في طبقات الأدباء)) لكمال الدين الأنباري (ص 233)، ((معجم الأدباء)) لياقوت الحموي (4/ 1826)، ((وفيات الأعيان)) لابن خَلِّكان (3/ 299)، ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (16/ 533)، ((الوافي بالوفيات)) للصفدي (21/ 247)، ((البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة)) للفيروزابادي (ص 210)، ((بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة)) للسيوطي (2/ 180)، ((الأعلام)) للزركلي (4/ 317). .

انظر أيضا: