موسوعة اللغة العربية

الفَصلُ الخامِسُ: أَبُو بَكْرٍ السَّرَّاجُ (ت: 316 هـ)


أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ السَّرِيِّ، البَغْدَادِيُّ، السَّرَّاج، صَاحِب المُبَرِّد، النَّحْويُّ، اللُّغَويُّ.
مِن مَشَايِخِه:
المُبَرِّد.
ومِن تَلَامِذَتِه:
أَبُو القَاسِم الزَّجَّاجِي، وأبو سَعِيد السِّيرافِي، وَعَلِي بن عِيسَى الرُّمَّانِي، وأبو علي الفارسيُّ.
سَبَب تَسْمِيَتِه بالسَّرَّاج:
السَّرَّاج نِسْبَة إلى عَمَلِ السُّروجِ.
مَنْزِلَتُه وَمَكَانَتُه:
كان أَبُو بَكْر السَّرَّاج أَحَدَ العُلَمَاء المَذْكُورين بالأَدَب وعِلْم العَرَبِيَّة، وأحَدَ الأَئِمَّة المَشَاهِير والمُجْمَع على فَضْله وجَلَالَة قَدْرِه في النَّحْو والأَدَب، قد انتهى إليه عِلْم اللِّسَانِ في زَمَنِه.
وكان يَلْثَغُ في الرَّاء فَيَجْعَلُهَا غَيْنًا، فَأَمْلَى يَوْمًا قَوْلًا فيه لَفْظَة الرَّاء، فَكَتَبُوها بالغَيْنِ، فَقَال: لا بالْغَاءِ ولا بالغَاءِ؛ يريد بالرَّاء، وجَعَل يُكَرِّرُهَا على هذه الصُّورةِ.
وكان يُقال: (ما زَال النَّحْو مَجْنُونًا حتى عَقَلَه ابن السَّرَّاج بأُصُولِه).
وكان أَبُو بَكْر السَّرَّاج أحدَثَ أَصْحَاب المُبَرِّد سِنًّا -وقد تُوفِّي شَابًّا كذلك- مع ذَكَاء وفِطْنَة، وكان المُبَرِّد يُقَرِّبُه، فَقَرَأ عليه كتابَ سِيبَوَيْه، ثم اشْتَغَل بالمُوسِيقَى، فَسُئِل عن مَسْأَلَة بِحَضْرَة الزَّجَّاج، فَأَخْطَأَ فِي جوابها، فَوَبَّخَه الزَّجَّاج، وقال: (مِثْلُك يُخْطِئ في هذه المَسْأَلَة! واللهِ لو كُنْتَ في مَنْزِلي ضَرَبْتُك، ولكن المَجْلِسَ لا يحْتَمِل ذلك، وما زلنا نُشَبِّهُك في الذكاء بالحَسَن بن رَجَاء! فقال: قد ضَرَبْتَنِي يا أبا إِسْحَاق وأَدَّبْتَنِي، وأنا تارِكٌ ما دَرَسْتَ منذ قَرَأْت الكِتَاب -يعني: كِتَابَ سِيبَوَيْه-؛ لأني شُغِلْتُ عنه بالمَنْطِق والمُوسِيقَى، وأنا أُعَاوِد)، فَعَاوَد وصَنَّف ما صَنَّف، وانْتَهَت إليه الرِّيَاسَة بعد مَوْت الزَّجَّاج.
وقِيل -كما ذَكَر الحَافِظ الذَّهَبِي-: (كان مُكِبًّا على الغِنَاء واللَّذَّةِ، هَوِيَ ابن يَأْنَس المُطْرِب، ولَهُ أَخْبَارٌ -سامحه اللهُ-).
وَكَانَ لَهُ شِعرٌ رَائِقٌ، فمنه في أمِّ وَلَدِه -وَكَانَ يُحِبُّهَا، وَأنْفق عَلَيْهَا مَالَه، فَجَفَتْهُ-:
قَايَسْتُ بَيْن جَمَالِهَا وفِعَالِها
فَإِذَا المَلَاحَة بِالخِيَانَةِ لَا تَفِي
وَاللهِ لَا كَلَّمْتُهَا وَلَو أَنَّهَا
كَالشَّمْسِ أَوْ كَالْبَدْرِ أَوْ كَالْمُكْتَفِي
مُصَنَّفَاتُه:
مِن مُصَنَّفَاتِه: كتاب: ((أُصُولِ العَرَبِيَّةِ))، وكتاب: ((شَرْح سِيبَوَيْه))، وكتاب: ((احتِجَاج القُرَّاء))، وكتاب: ((الهَوَاء وَالنَّار))، وكتاب: ((الجُمَل))، وكتاب: ((المُوجَز))، وكتاب: ((الاشتِقَاق))، وكتاب: ((الشِّعْر والشُّعَرَاء))، وكتاب: ((المواصلات والمذاكرات في الأَخْبَار)).
وَفَاتُه:
تُوفِّي سَنةَ ستَّ عَشْرةَ وثلاثِ مِائة [272] يُنظَر: ((طبقات النحويين واللغويين)) لمحمد بن الحسن الزُّبَيدي (ص 112)، ((نزهة الألباء في طبقات الأدباء)) لكمال الدين الأنباري (ص 186)، ((معجم الأدباء)) لياقوت الحموي (6/ 2534)، ((إنباه الرواة على أنباه النحاة)) للقِفْطي (3/ 145)، ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (14/ 483)، ((الوافي بالوفيات)) للصفدي (3/ 73)، ((البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة)) للفيروزابادي (ص 265)، ((بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة)) للسيوطي (1/ 109)، ((الأعلام)) للزركلي (6/ 136). .

انظر أيضا: