موسوعة اللغة العربية

الفَصلُ الرَّابع: النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ (ت: 203 هـ)


أبو الحَسَن النَّضْرُ بْنُ شُمَيْل بن خَرَشة بن يَزيد -أو زَيْد- بن كُلْثُوم، المازنيُّ التميميُّ، البَصْريُّ، النَّحْويُّ، اللُّغَويُّ.
مَوْلِدُه:
وُلِد في حدودِ سنةِ اثنتينِ وعشرينَ ومائةٍ.
مِن مشايخِه:
هشامُ بنُ عُرْوَة، وشُعْبَة، وسُلَيمانُ بنُ المُغِيرَة، والخَلِيلُ بنُ أحمدَ، وحمادُ بن سلمة.
ومِن تَلامِذَتِه:
يحيى بن مَعِين، وإسحاقُ بنُ رَاهَوَيْه، وعبدُ اللهِ بنُ عبدِ الرَّحمنِ الدَّارِمِيُّ، وعُبَيدُ اللهِ بنُ سَعيدٍ السَّرَخْسِي، وعليُّ بنُ الحَسَن الذُّهْلِيُّ، والقاسمُ بن سلام.
مَنزِلتُه ومكانتُه:
كان النَّضْرُ رحمه الله ثقةً ثَبْتًا صاحبَ سُنةٍ، وصاحبَ غريبٍ وشِعْرٍ ونحْوٍ، وحديثٍ وفِقه، ومعرفةٍ بأيَّامِ النَّاسِ.
وهو أوَّلُ مَن أظهر السُّنةَ بمَرْوَ وجميعِ خُرَاسَان، وقد وَلِيَ قَضَاءَ مَرْو، وكان أَرْوَى النَّاسِ عن شُعْبَةَ، وخرَّج كُتبًا كثيرةً لم يَسْبِقْه إليها أحدٌ.
سَبَبُ خُرُوجِه مِن البَصْرة:
كان سببُ خروجِه من البَصْرة إلى خُرَاسَان ضِيقَ المعيشةِ به في البَصْرة، فَخَرَج يريدُ خُرَاسان، فشيَّعه مِن أهلِ البصرةِ نحوُ ثلاثةِ آلافٍ رجُلٍ، ما فيهم إلَّا مُحَدِّث، أو لُغَوِي، أو نَحْوِي، أو عَرُوضِي، أو أَخْبَارِي! فقال: يا أهل البصرة، تَعِزُّ عليَّ مفارقتُكم! واللهِ لو وجدتُ كلَّ يومٍ كِيلَجَةً [105] الكِيلَجَة بِكَسْرِ الْكَافِ وَفَتْحِ اللَّامِ: مِكْيال للحبوب. يُنظَر: ((المصباح المنير)) (2/ 537). من بَاقِلَّاءَ [106] الباقِلَاءُ، مُخفَّفةً ممدودةً؛ قِيلَ: إِذا خَفَّفْتَ اللامَ مَددْتَ، وَإِذا شَدَّدْتَها قَصَرتَ: الفُولُ. يُنظَر: ((تاج العروس)) (28/ 100). ما فارقْتُكم! قال: فلم يكن فيهم أحدٌ يتكفَّلُ له بذلك، حتى وصل إلى خُرَاسَان، فأفاد أموالًا عظيمةً.
عَقيدتُه:
ذكر أبو حاتمٍ الرَّازيُّ أنَّه كان (صاحِبَ سُنَّةٍ) [107] ينظر: ((تاريخ الإسلام)) للذهبي (5/ 208). ، وقال العَبَّاسُ بنُ مُصعَبٍ المَرْوَزيُّ: (كان النَّضْرُ بنُ شُمَيلٍ إمامًا في العَرَبيَّةِ والحديثِ، وهو أوَّلُ من أظهَرَ السُّنَّةَ بمَرْوٍ وجميعِ خُراسانَ) [108] ينظر: ((تهذيب الكمال في أسماء الرجال)) للمزي (29/ 383)، ((تاريخ الإسلام)) للذهبي (5/ 208). ، وكان رَحِمه اللهُ على الجادَّةِ، لا يُجيزُ الحِيَلَ، بل رأى أكثَرَها فِسْقًا وكُفرًا؛ قال أحمَدُ بنُ سَعيدٍ الدَّارميُّ: (سَمِعتُ النَّضْرَ بنَ شُمَيلٍ يقولُ: في كتابِ الحِيَلِ كذا وكذا مسألةً كُلُّها كُفرٌ) [109] ينظر: ((تهذيب الكمال في أسماء الرجال)) للمزي (29/ 383)، ((تاريخ الإسلام)) للذهبي (5/ 208). .
ولمَّا بلَغَه تشيُّعُ المأمونِ، دخَلَ عليه وأنشَدَ:
أصبَحَ دِيني الَّذي أَدِينُ به
ولَستُ منه الغَدَاةَ مُعتذِرَا
حُبُّ علِيٍّ بعْدَ النَّبيِّ ولا
أشْتِمُ صِدِّيقَه ولَا عُمَرَا
وابنُ عفَّانٍ في الجِنانِ معَ الــــــــ
أبْرارِ ذاكَ القتيلُ مُصْطَبَرَا
وعائشُ الأمُّ لَستُ أَشْتِمُها
مَن يَفترِيها فنحنُ منه بَرَا [110] ينظر: ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (10/282).
ونَقَل عنه عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ أنَّه كان يقولُ: (الإيمانُ قولٌ وعملٌ، والإيمانُ يَتفاضَلُ) [111] ينظر: ((السنة)) لعبد الله بن أحمد (1/316). .
مُصنَّفاتُه:
مِن مُصَنَّفَاتِه: كتاب: ((غريب الحديث))، وكتاب: ((المدخَل إلى كتاب العين))، وكتاب: ((السِّلاح))، وكتاب ((خلق الفرس))، وكتاب: ((الأنواء))، وكتاب: ((المعاني))، وكتاب: ((الصِّفَات)) في صفاتِ الإنسانِ، والبُيوتِ، والجِبالِ، والإبِلِ والغَنَمِ، والطَّيرِ والكواكِبِ، والزُّروعِ.
وفاتُه:
تُوفِّي رحمه الله بخُرَاسَان سنةَ ثلاثٍ ومائتين. وقيل: سنةَ أربعٍ ومائتين [112] يُنظَر: ((الطبقات الكبرى)) لابن سعد (7/ 373)، ((التاريخ الكبير)) للبخاري (8/ 90)، ((مراتب النحويين)) لأبي الطيب اللُّغَوي (ص 75)، ((الثقات)) لابن حبان (9/ 212)، ((طبقات النحويين واللغويين)) لمحمد بن الحسن الزُّبَيدي (ص 55)، ((معجم الأدباء)) لياقوت الحَمَوي (6/ 2758)، ((إنباه الرواة على أنباه النحاة)) للقِفْطي (3/ 348)، ((وفيات الأعيان)) لابن خَلِّكان (5/ 397)، ((تاريخ الإسلام)) للذهبي (5/ 207)، ((البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة)) للفيروزابادي (ص 305)، ((بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة)) للسيوطي (2/ 316). .

انظر أيضا: