موسوعة اللغة العربية

المسألةُ الأُولى: (لو)


(لو) حرفٌ قد يكونُ مَصْدَريًّا، فتُؤَوَّلُ هي وما بَعْدَها بمَصْدَرٍ صريحٍ، كقَولِه تعالى: يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ [البقرة: 96] ، والتقديرُ: يَوَدُّ أحَدُهم تعْميرَه... وعلامتُها أنَّه يصِحُّ أن يقَعَ مَوقِعَها (أنْ)، فتقولُ في غيرِ القرآنِ: يَوَدُّ أحَدُهم أنْ يُعمَّرَ...
وقد تأتي شرطيَّةً، ويأتي بَعْدَها -غالبًا- الفِعْلُ الماضي، ويَقِلُّ الفِعْلُ المضارعُ، فإذا دخَلَت على المضارعِ لا تجزِمُه.
معناها: هي حرفٌ لِما كان سيقعُ لوُقوعِ غَيرِه، أو هي حرفُ امتناعٍ لامتناعٍ.
فهي تفيدُ امتناعَ تحَقُّقِ جوابِ الشَّرْطِ لامتناعِ الشَّرْطِ، فقَولُك: لو قام عَمرٌو لقام زيدٌ، فُهِم منه أنَّ قيامَ زيدٍ مُرتَبِطٌ بقيامِ عَمرٍو، وأنَّه لم يحدُثْ؛ لأنَّ عَمْرًا لم يَقُمْ.
فِعلُ الشَّرْطِ وجوابُه:
الأكثَرُ والأغلَبُ أنَّ فِعلَ (لو) الشَّرْطيَّةِ وجوابَها يكونُ ماضيًا، إما لفظًا ومعنًى، مِثلُ: قام، خرج، قعد... أو معنًى فقط، وهو المضارعُ المسبوقُ بـ(لم) النافيةِ الجازمةِ، مِثلُ: لم يَقُمْ، لم يخرُجْ، لم يَقعُدْ.
ومنه قَولُه تعالى: لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ [الحجرات: 7] .
لو: حرفُ شرطٍ غيرُ جازمٍ مَبْنيٌّ على السُّكونِ.
يطيعُكم: فِعلٌ مُضارعٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ، والفاعِلُ ضميرٌ مُستَتِرٌ تقديرُه هو، والكافُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ نَصبٍ مَفعولٌ به.
في: حَرفُ جَرٍّ مَبْنيٌّ على السُّكونِ.
كثير: اسمٌ مَجرورٌ بفي، وعَلامةُ جَرِّه الكسرةُ.
من: حَرفُ جَرٍّ مَبْنيٌّ على الفَتحِ.
الأمرِ: اسمٌ مَجرورٌ بمن، وعَلامةُ جَرِّه الكسرةُ.
لَعَنِتُّمْ: اللامُ حَرفُ مَبْنيٌّ على الفَتحِ، عَنِتُّم: عَنِت: فِعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ على السُّكونِ، والتاءُ المضمومةُ ضميرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ رَفعٍ فاعِلٌ، والميمُ للجَمعِ.
ولا تَدخُلُ "لو" الشَّرْطيةُ إلَّا على فعلٍ، شأنُها شأنُ (إنْ) الجازمةُ، فإن جاء غيرُ فعلٍ فهو في تأويلِ الفِعْلِ، كما قُلْنا في أدواتِ الشَّرْطِ؛ ففي قَولِ الشَّاعِر:
لو بغيرِ الماءِ حَلْقِي شَرِقٌ
كنتُ كالغَصَّانِ بالماءِ اعتِصاري
تقديرُ جُملة الشَّرْط: لو شَرِقَ بغيرِ الماء حَلْقِي هو شَرِقٌ. وكذلك تأويلُ قَولِه تعالى: وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ [لقمان: 27] .
دخولُ اللامِ على جوابِ (لو):
1- إن كان مضارعًا مجزومًا لم تَدخُلُ عليه اللامُ.
2- وإذا كان ماضيًا مثبتًا فالأكثَرُ دخولُ اللامِ.
3- وإذا كان ماضيًا منفيًّا فالأقَلُّ دُخولُ اللَّامِ.
فمن أمثلةِ دُخولِها على المثبَتِ قَولُه تعالى: وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا [الأنفال: 23] ، وقَولُ الشَّاعِرِ:
كذبتَ وبيتِ اللهِ لو كنتَ صادقًا
لَمَا سَبَقَتْنِي بالبكاءِ حمائِمُ
ومن أمثلةِ خلوِّ المثبَتِ مِنَ اللامِ قَولُه تعالى: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ [النساء: 9] ، ومن أمثلةِ خُلُوِّ المنفيِّ مِنَ اللَّامِ قَولُه تعالى: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ [الأنعام: 112] .
حذفُ جوابِ (لو):
يجوزُ حَذْفُ جوابِ "لو" لقرينةٍ تدُلُّ عليه، كما يجوزُ في أدواتِ الشَّرْطِ الجازمةِ، ومن ذلك قَولُه تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ [آل عمران: 91] ، أي: ولو افتدى به ما قُبِلَ، ومنها قَولُه تعالى: وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا [الرعد: 31] ، أي: لكان هذا القُرآنَ.
ويَندُرُ حَذفُ الشَّرْطِ والجوابِ معًا، وقد ورد منه قَولُ الشَّاعِرِ:
إن يكُنْ طِبُّكَ الدَّلالَ فلو
في سالِفِ الدَّهرِ والسِّنينَ الخوالي
أي: فلو كان في سالِفِ الدَّهرِ لكان كذا وكذا. ومنه قَولُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «التَمِسْ ولو خاتمًا من حديدٍ » أخرجه مطولاً البخاري (5135) واللفظ له، ومسلم (1425) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ، أي: ولو كان المُلتَمَسُ خاتمًا من حديدٍ فهاتِه يُنظَر: ((شرح ألفية ابن مالك)) لابن الناظم (ص: 504)، ((تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد)) لناظر الجيش (9/ 4433). .

انظر أيضا: