موسوعة اللغة العربية

المَبْحَثُ الرَّابِعُ: الاشْتِقاقُ مِن أسْماءِ الأعْيانِ المُعرَّبةِ


كانَ مَوقِفُ الشَّيْخِ الإسْكَنْدريِّ وحفني ناصِف في رفضهم جَوازِ الاشْتِقاقِ مِن أسْماءِ الأعْيانِ المُعرَّبةِ مُتَشدِّدًا، لكنَّ بعضَ العُلَماءِ وصُنَّاعِ المَعاجِمِ -كالدُّكْتورِ شَرَف، والدُّكْتورِ أحْمَد عيسى من مجمع دمشق- أحَسُّوا بالحاجةِ إلى مِثلِ هذا الاشْتِقاقِ، وقدِ اسْتَجابَ لِهذه الحاجةِ فصَدَرَ قَرارُ المَجمَعِ في الاشْتِقاقِ مِن أسْماءِ الأعْيانِ المُعرَّبةِ:
1- يُشتَقُّ الفِعلُ مِن الاسمِ الجامِدِ المُعرَّبِ الثَّلاثيِّ على وَزْنِ (فَعَّل) بالتَّشْديدِ مُتَعدِّيًا، ولازِمُه (تَفَعَّل).
2- يُشتَقُّ الفِعلُ مِن الاسمِ الجامِعِ المُعرَّبِ غيْرِ الثُّلاثيِّ على وَزْنِ (فَعْلَل)، ولازِمُه (تَفَعْلَل).
3- وفي جَميعِ المُشْتقَّاتِ يُقْتصَرُ على الحاجةِ العِلميَّةِ، ويُعرَضُ ما يُوضَع مِنه على المَجمَعِ للنَّظَرِ فيه.
وقدْ قَيَّدَ المَجمَعُ هنا الاشْتِقاقَ بالضَّرورةِ، وهي الحاجةُ العِلميَّةُ، وفي هذا تَضْييقٌ؛ إذ قد تَدْعو الحاجةُ في الحَياةِ العامَّةِ إلى الاشْتِقاقِ، وقدْ رأى الدُّكْتورُ إسْحاقُ الحُسَينيُّ رأيًا اتَّخَذَ المَجمَعُ بِناءً عليه عِدَّةَ قَراراتٍ في دَوْرتِه الثَّانِيةِ والثَّلاثينَ، ومِنها:
- ومِن حيثُ الأفْعالُ الَّتي أوْرَدَها الأسْتاذُ الباحِثُ في غُضونِ بَحْثِه مُشْتقَّةً أو مَأخوذةً مِن كَلِماتٍ أعْجَميَّةٍ، تَرى اللَّجْنةُ ألَّا يُقَرَّ مِنها إلَّا ما صَحَّ صَوْغُه العَربيُّ، وساغَ في الذَّوْقِ، وشاعَ اسْتِعمالُه في الكِتابةِ والتَّأليفِ بوَجْهٍ عامٍّ.
- وتُوافِقُ اللَّجْنةُ على أن يُقِرَّ المَجمَعُ ما جَرى به الاسْتِعمالُ مِن تلك الأفْعالِ الَّتي أوْرَدَها الباحِثُ لمَجيءِ اشْتِقاقِه على وَزْنٍ عَربيٍّ صَحيحٍ، ولكَوْنِه سائِغًا في الذَّوْقِ، وهي الأفْعالُ الآتِيةُ:
بَسْتَرَ، وهو مَأخوذٌ مِن "بَسْتور" صاحِبِ الطَّريقةِ الخاصَّةِ في التَّعْقيمِ.
بَلْوَرَ، مِن البِلَّوْرِ، وهو مُعرَّبٌ قَديمًا.
بَلْشَفَ، مِن البَلْشَفيَّةِ.
تَلْفَنَ، مِن التِّليفون.
فَبْرَكَ، مِن الفابريكة، والمُرادُ صُنْعُ الشَّيءِ بالآلةِ.
جَبَّسَ، مِن الجِبْسِ، وهو مِن مَوادِّ البِناءِ، وهو مُعرَّبٌ قَديمًا.
كَهْرَبَ، مِن الكَهْرَباءِ، وقدْ أقَرَّ المَجمَعُ تَعْريبَ الاسمِ.
وبعْدَ هذا القَرارِ بعامَينِ رأى المَجمَعُ التَّوسُّعَ في الاشْتِقاقِ مِن أسْماءِ الأعْيانِ، فلم يُقيِّدْهُ بالضَّرورةِ [338] يُنظر: ((التَّعْريب في القديم والحديث)) لمحمد حسن عبد العزيز (ص: 239 – 242، 297). .
وقدِ اتَّبَعَت المجامِعُ الثَّلاثةُ -مَجامِعُ دِمشقَ وبَغدادَ وعَمَّانَ- ما قَرَّره مَجمَعُ اللُّغةِ العربيَّةِ في جَوازِ الاشتقاقِ مِن أسماءِ الأعيانِ المُعرَّبةِ [339] يُنظر: ((دور مجامع اللغة العربية في التعريب)) لإبراهيم الحاج يوسف (ص: 73). ؛ يقولُ الدُّكتورُ مُصْطفى جَواد مِن مَجمَعِ بَغدادَ: (فإذا كان في الاشتقاقِ مِن الاسمِ الأعجميِّ فائدةٌ، فلا بأسَ بإتيانِه) [340] يُنظر: مبحث في سلامة اللغة؛ مجلة بغداد (2/ 1951م، ص: 212). .

انظر أيضا: