موسوعة اللغة العربية

الفصلُ الخامس عشر: الكَوْنُ


هو مَصدَرُ (كان)، وقد وَرَدَ هذا اللَّفْظُ في تأويلِ المَوْصولِ الحَرْفيِّ معَ مَعْمولِه إذا كان جامِدًا، نَحْوُ: بلَغَني أنَّ هذا زيدٌ، فالتَّقْديرُ بلَغَني كَوْنُه زيدًا؛ لأنَّ كلَّ خَبَرٍ جامِدٍ يَصِحُّ نِسْبتُه إلى المُخبَرِ عنه بلَفْظِ الكَوْنِ، في حينِ أنَّ الخَبَرَ المُشتَقَّ يُؤوَّلُ بمَصدَرٍ مِن لَفْظِه؛ ففي قَولِنا: بلَغَني أنَّك ناجِحٌ يكونُ التَّقْديرُ: بلَغَني نَجاحُك.
ويَنْقسِمُ إلى:
الكَوِن المُطلَقِ: وهو لَفْظٌ اسْتُعمِلَ في مَجالِ حَذْفِ الخَبَرِ في جَوابِ لَوْلا؛ والمَقْصودُ به أن يكونَ الامْتِناعُ الحاصِلُ بـ "لَوْلا" مُعلَّقًا بها على وُجودِ المُبْتدَأِ الوُجودَ المُطلَقَ لا المُقيَّدَ، وفي هذه الحالِ يَغلِبُ حَذْفُ الخَبَرِ، نَحْوُ: وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ [البقرة: 251] ، والتَّقْديرُ: لَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ مَوْجودٌ.
والكوْنِ المُقيَّدِ: يَتحقَّقُ بتَعْليقِ الامْتِناعِ الحاصِلِ للمُبْتدَأِ بوساطةِ "لَوْلا" على أمْرٍ مُقيَّدٍ مَحْدودٍ لا مُجرَّدِ وُجودٍ مُطلَقٍ، وحُكْمُ الخَبَرِ في هذه الحالةِ وُجوبُ الذِّكْرِ إن لم يدُلَّ على المُقيَّدِ دَليلٌ، مِثلُ قَولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يا عائِشةُ، لَوْلا أنَّ قوْمَك حَديثو عَهْدٍ بشِرْكٍ، لَهدَمْتُ الكَعْبةَ، فألْزَقْتُها بالأرضِ، وجعَلتُ لها بابَينِ... )) [564] أخرجه البخاري (126) باختلاف يسير، ومسلم (1333) واللفظ له من حَديثِ عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها. [565] يُنظَر: ((شرح ألفية ابن مالك)) للشاطبي (2/ 104)، ((معجم المُصْطلَحات النَّحْوية والصرفية)) لمحمد سمير اللبدي (ص: 199). .
والكَوْنِ المَنْفيِّ: هو الفِعلُ (كان) أو (يكونُ) مَسْبوقًا بنَفْيٍ: "ما" و"لم" و"لا" و"أنْ" النَّافِيةِ، كما في قَولِه تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ [النساء: 168] ، وتُسمَّى اللَّامُ بَعْدَه لامَ الجُحودِ [566] يُنظَر: ((معجم القواعد العَربيَّة)) لعبد الغني الدقر (2/ 72). .

انظر أيضا: