موسوعة اللغة العربية

الفصلُ السَّادس والخمسون: التَّغْليبُ


هو إعْطاءُ أحدِ المُتَصاحِبَينِ في اللَّفْظِ، أوِ المُتَشاكِلَينِ المُتَشابِهَينِ في بعضِ الصِّفاتِ، أوِ المُتَجاوِرَينِ، أو نَحْوِ ذلك- حُكْمَ الآخَرِ؛ فمِن ذلك قَولُه تعالى: يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ [الأعراف: 27] ؛ يُريدُ: أَخرَجَ أباكم وأمَّكم، فأطْلَق عليهما معًا الأبَوَينِ تَغْليبًا للأبِ على الأمِّ، ومِثلُه تَسْميةُ أبي بَكْرٍ وعُمَرَ بالعُمَرَينِ تَغْليبًا، وقولُهم: القَمَرانِ؛ على الشَّمسِ والقَمَرِ، وقولُه تعالى: وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ [التحريم: 12] ؛ فقولُه: وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ هو مِن تَغْليبِ الذُّكورِ على الإناثِ، وإلَّا لقال: وكانت مِنَ القانِتينَ والقانِتاتِ، فاكْتَفى بالأُولى تَغْليبًا للذُّكورِ على الإناثِ طَلبًا للاخْتِصارِ، ولِثُبوتِ ذلك عِنْدَ العَربِ.
ومِنه تَغْليبُ الأخَفِّ على الأثْقَلِ؛ فيقالُ: الحَسَنانِ، ويُرادُ: الحَسَنُ والحُسَينُ.
وتَغْليبُ العاقِلِ على غيْرِ العاقِلِ في قَولِه تعالى: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدوِّ وَالْآصَالِ [الرعد: 15] ؛ فعبَّرَ بـ "مَن" الَّتي للعاقِلِ، وأرادَ بها جَميعَ مَنْ في السَّمواتِ والأرضِ مِنَ الإنْسِ والجِنِّ، والطَّيرِ والدَّوابِّ، والجَماداتِ وجَميعِ الخَلْقِ [268] يُنظر: ((بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة)) لعبد المتعال الصعيدي (1/ 173)، ((البلاغة العَربيَّة)) لعبد الرحمن حبنكة (1/ 510). .

انظر أيضا: