موسوعة اللغة العربية

المَبحَثُ الثَّالثُ: موضوعُ الكتابِ


ذكَر ابنُ جِنِّي في مُقَدِّمةِ كتابِه أنَّ الرَّجُلَ صاحِبَ المكانةِ العاليةِ في عصرِه طلَب إليه أن يخُطَّ (كتابًا يشتَمِلُ على جميعِ أحكامِ حُروفِ المعجَمِ، وأحوالِ كُلِّ حرفٍ منها، وكيف مَواقِعُه في كلامِ العَرَبِ) [378] ((سر صناعة الإعراب)) لابن جني (1/ 15، 16). .
فقد تضمَّن هذا السِّفْرُ النَّفيسُ -كما جاء في مُقدِّمتِه- ما يأتي:
ذِكْرُ أحوالِ الحروفِ في مخارجِها ومَدارجِها، وحُكمِ مجهورِها ومهموسِها، وشديدِها ورِخْوِها، وصحيحِها ومُعتَلِّها، ومُطبَقِها ومنفَتِحِها، وساكِنِها ومتحَرِّكِها، ومُستعليها ومنخَفِضِها ... إلى آخِرِ ذلك من صفاتِ الحروفِ.
الفَرقُ بَينَ الحرفِ والحركةِ، ومَوقِعُ الحركةِ من الحرفِ: هل الحركةُ قَبلَه، أم بَعدَه، أو معه؟
الحروفُ التي هي فروعٌ مُستحسَنةٌ، والفروعُ التي هي فروعٌ مُستقبَحةٌ.
الحرَكاتُ المتوَلِّدةُ عن الحرَكات، كتفَرُّعِ الحروفِ عن الحروفِ.
أحوالُ الحروفِ في حالِ سُكونهِا وعندَ تحريكِها، وأحوالُها في أشكالِها، والغَرَضُ في وضعِ واضِعِها.
الحروفُ التي يتوالى عليها إعلالانِ، والحروفُ التي تبقى على حالِها من التَّصحيحِ.
الحروفُ التي يمكِنُ مجاورتُها وتركُّبُها، وما لا يمكِنُ.
أحوالُ تصَرُّفِ الحرفِ في الكلامِ من حيثُ الأصالةُ والزِّيادةُ، والصِّحَّةُ والإعلالُ، وقَلبُه إلى غيرِه من الحروفِ، وقلبُ غيرِه من الحروفِ إليه.
الغَرَضُ من الكتابِ ليس ذِكرَ الحروفِ في تركيبِها في الكَلِماتِ، إنَّما الغَرَضُ من الكتابِ -كما يقولُ ابنُ جِنِّي- الحديثُ عن أحوالِ الحروفِ مُنفَرِدةً، أو أحوالِها بانتزاعِها من أبنيةِ الكَلِماتِ التي وردت فيها؛ بحيثُ يكونُ الحديثُ عن نفسِ الحروفِ [379] يُنظر: ((سر صناعة الإعراب)) لابن جني (1/ 16، 17). .
ومن ثَمَّ يمكِنُ القولُ: إنَّ موضوعَ كتابِ "سر الصِّناعةِ" لابن جِنِّي، هو الدِّراسةُ الصَّرفيَّةُ لحروفِ المعجَمِ، المسمَّاةِ بحُروفِ المباني، مع ما اشتَمَل عليه الكتابُ من دراسةٍ صوتيَّةٍ تستلزِمُها الدِّراسةُ الصَّرفيَّةُ؛ فعِلمُ الأصواتِ -ولا شَكَّ- وَشيجُ الصِّلاتِ بعِلمِ الصَّرفِ [380] يُنظر: ((سر صناعة الإعراب)) مقدمة التحقيق: حسن هنداوي (ص: 19). .

انظر أيضا: