موسوعة اللغة العربية

المَبحَثُ الأوَّلُ: سببُ تأليفِ الكتابِ


ألَّف ابنُ جِنِّي كتابَه تحقيقًا ونزولًا على رغبةِ رجُلٍ ذي منزلةٍ كبيرةٍ في عصرِه، لم يُفصِحِ ابنُ جِنِّي عن اسمِه، لكنَّه يذكُرُ أنَّه كان ممَّن يقومُ على خدمةِ العِلمِ وأهلِه؛ يقولُ ابنُ جِنِّي: (رسَمْتَ، أطال اللهُ بقاءَك، وأحسَن إمتاعَ العلمِ وأهلِه بك؛ فإنَّك بحمدِ اللهِ ما زِلتَ جَمالًا له ولهم، وَقفًا عليه وعليهم، إن أظلَمَ شِقٌّ منه كنتَ لهم فيه سِراجًا، أو طَمَسَ منارٌ له وُجِدْتَ إليه منهاجًا، أو قعَد غيرُك عنه قُمتَ بأعبائِه، مُراميًا عن حوزتِه من أمامِه وورائِه، مُتَقيِّلًا آثارَ أسلافِك الغُرِّ الأطايبِ الذين خصَّهم اللهُ وإيَّاك بأرفَعِ المراتبِ، وانتضاهم من سلالةِ النُّجَباءِ والنَّجائِبِ) [372] ((سر صناعة الإعراب)) لابن جني (1/ 15). .
وقد وُجِد اسمٌ في الصَّفحةِ الأولى من نسخةِ شهيد علي باشا، وهو (أبو بكرٍ عبدُ الواحِدِ بنِ عُرْسِ بنِ فهدِ بنِ أحمدَ الأزديُّ)، فإذا عُلِم أنَّ بني فهدٍ -وهم من عَرَبِ الأزدِ- كانت له رياسةٌ في الموصِلِ، وأنَّ ابنَ جِنِّي كان ينتَسِبُ إليهم بالولاءِ؛ فقد كان أبوه مملوكًا روميًّا ينتسِبُ إلى سليمانَ بنِ فهدِ بنِ أحمدَ الأزديِّ نَسَبَ ولاءٍ– إذا عُلِمَ ذلك يمكِنُ القولُ: إنَّ عبدَ الواحدِ المذكورَ من أعيانِ الموصِلِ، وإنَّ اتصالَ ابنِ جِنِّي به آتٍ من جهةِ الشُّهرةِ التي حَظِيَ بها ابنُ جِنِّي، ثمَّ إنَّه يُعَدُّ من موالي أبيه [373] يُنظر: ((سر صناعة الإعراب)) مقدمة التحقيق: حسن هنداوي (ص: 19). .

انظر أيضا: