موسوعة اللغة العربية

المَطلَبُ الخامِسُ: المَآخِذُ على الكِتابِ


1- التَّصْحيفُ الَّذي اتَّهمَه به أكْثَرُ الباحِثين بل كلُّهم. وقد ذكَر السُّيوطيُّ رَحِمَه اللهُ في كِتابِه ((المُزْهِر)) بابًا أورَد فيه بعضَ المَواضِعِ الَّتي وقَع فيها التَّصْحيفُ في مُعجَمِ العَينِ، وتَعدادُها قَريبٌ مِنَ السَّبْعينَ مَأخَذًا، وقال في نِهايةِ هذا البابِ: (هذا غالِبُ ما ذُكِر أنَّه ‌صَحَّف ‌فيه صاحِبُ كِتابِ العَينِ) [75] ((المزهر)) للسيوطي (2/335). .
ومِن هذه المَواضِعِ:
ذكَر في بابِ ترم: التَّرَمُ: شِدَّةُ العضِّ، وهو بالباءِ، ولا أعْرِفُ التَّرَمَ.
وذكَر في بابِ درب: الدَّرَبُ: فَسادُ المَعدَةِ، وهو بالذَّالِ المُعجَمةِ.
وذكَر في بابِ نتم: أَنْتَمَ الشَّيخُ: إذا كَبِر ووَلَّى، والصَّوابُ بالثَّاءِ المُثلَّثةِ.
وذكَر في بابِ ربذ: شيءٌ رَبيذٌ: بعضُه على بعضٍ، والصَّوابُ رَثيدٌ بالثَّاءِ، من قولِك: رَثَدْتُ المَتاعَ.
وذكَر في بابِ ذنب: الذِّنَّبُ والذِّنَّابةُ: القَصيرُ، وهو بالدَّالِ غيرِ المُعجَمةِ عنِ الفَرَّاءِ [76] ينظر: ((المزهر)) للسيوطي (2/335). .
وقال الأسْتاذُ أحْمَد أمين رَحِمَه اللهُ: إنَّ هذه التَّصْحيفاتِ السَّببُ الرَّئيسُ فيها تَشابُهُ رَسْمِ الحُروفِ، وخاصَّةً أنَّ الوقتَ الَّذي كتَب فيه الخَليلُ مُعجَمَه العَينَ لم يَكُنْ قد وُضِع فيه النَّقْطُ، فكانتِ الحُروفُ مُجرَّدةً مِنَ النَّقْطِ، فكان ذلك يَلتَبِسُ على القُرَّاءِ والنُّسَّاخِ [77] ((فَجْر الإسلام)) لأحمد أمين (2/269). .
2- انْفِرادُه بكَثيرٍ مِنَ الألْفاظِ الَّتي أخَذها عليه واسْتَدرَكَها أبو بَكْرٍ الزُّبيديُّ وأحْمَدُ بنُ فارِسٍ.
قولُه: التَّاسوعاءُ: اليومُ التَّاسعُ مِنَ المُحرَّمِ.
قال أبو بَكْرٍ الزُّبيديُّ في كِتابِ (الاسْتِدراك) على العَينِ: (لم أسْمَع بالتَّاسوعاءِ، وأهلُ العِلمِ مُختَلِفون في عاشُوراءَ؛ فمنْهم مَنْ قال: إنَّه اليومُ العاشِرُ مِنَ المُحرَّمِ، ومنْهم مَنْ قال: إنَّه اليومُ التَّاسعُ) [78] ((المزهر)) للسيوطي (1/105). .
ولكنَّ الانْفِرادَ ببعضِ الألْفاظِ أمرٌ طَبيعيٌّ، ولعلَّ الخَليلَ سمِع ما لم يَسمَعْه غيرُه. وقد قال العُلَماءُ: (مَنْ حفِظ حُجَّةٌ على مَنْ لم يَحفَظْ).
وقدِ انْفَردَ كَثيرٌ مِنَ اللُّغويِّين بأشْياءَ قال عنها السُّيوطيُّ: (وحُكْمُه القَبولُ إن كان ‌المُتفرِّدُ ‌به مِن أهْلِ الضَّبْطِ والإتْقانِ) [79] ((المزهر)) للسيوطي (1/100). .
3- وُقوعُه في أخْطاءٍ صَرفيَّةٍ اشْتِقاقيَّةٍ
ومِثالُ ذلك قولُه: وفي العَينِ: ‌التُّحْفَةُ مُبدَلةٌ مِنَ الواوِ، وفُلانٌ يَتوحَّفُ.
قال الزُّبَيديُّ: ليستِ التَّاءُ في ‌التُّحْفَةِ مُبدَلةً مِنَ الواوِ؛ لوُجودِها في التَّصاريفِ.
وقولُه: يَتوحَّفُ، مُنكَرٌ عندي [80] ((المزهر)) للسيوطي (1/87). .
4- إهْمالُه أبْنِيةً مُسْتعمَلةً في اللُّغةِ لم يَذكُرْها؛ لأنَّه لم يُسمَعْ فيها شيءٌ [81] يُنظر: ((المُعجَم العَربيُّ: نشأته وتطوره)) لحسين نصار (1/215). .
5- صُعوبةُ البَحْثِ في المُعجَمِ، ومَشقَّةُ الوُصولِ للَّفظِ المُرادِ؛ فلا بدَّ لمُستخدِمِ المُعجَمِ أنْ يكونَ عالِمًا بنِظامِ التَّقالِيبِ. وهذا المَأخَذُ عامٌّ في كلِّ مَعاجِمِ تلك المَدرَسةِ.
قال ابنُ وَلَّادٍ: (كِتابُ العَينِ لا يُمكِّنُ طالِبَ الحَرْفِ منه أنْ يَعلَمَ مَوضِعَه مِنَ الكِتابِ مِن غيرِ أنْ يَقرَأَه، إلَّا أنْ يكونَ قد نَظَرَ في التَّصْريفِ، وعرَف الزَّائِدَ والأصْليَّ، والمُعتَلَّ والصَّحيحَ، والثُّلاثيَّ والرُّباعيَّ والخُماسيَّ، ومَراتِبَ الحُروفِ مِنَ الحَلْقِ واللِّسانِ والشَّفَةِ، وتَصْريفَ الكَلِمةِ على ما يُمكِنُ من وُجوهِ تَصْريفِها في اللَّفظِ على وُجوهِ الحَرَكاتِ، وإلْحاقَها ما تَحْتمِلُ مِنَ الزَّوائِدِ، ومَواضِعَ الزَّوائِدِ بعد تَصْريفِها بلا زِيادةٍ، ويَحْتاجُ معَ هذا إلى أنْ يَعلَمَ الطَّريقَ الَّتي وصَل الخَليلُ منها إلى حَظْرِ كَلامِ العَربِ؛ فإذا عَلِمَ هذه الأشْياءَ عرَف ما يَطلُبُ مِن كِتابِ العَينِ) [82] ((المقصُوَر والممدود)) لابن ولاد (ص:2). .

انظر أيضا: