موسوعة اللغة العربية

تمهيدٌ


ظهر العُنصُرُ القَصَصيُّ في الأدَبِ العَرَبيِّ القَديمِ ضَعيفًا في الأشعارِ الجاهِليَّةِ، وبما حوَتْه من قِصَصٍ وأخبارٍ، ثُمَّ في الأمْثالِ الَّتي أطلقَتْها العَرَبُ وضرَبَتْها في كُلِّ ما يُشبِهُ مَورِدَ القِصَّةِ الأصليَّةِ، واستمَرَّ الأمرُ كذلك حتَّى عرَفوا شيئًا مِنَ الحِكاياتِ الَّتي لا تخضَعُ لقانونٍ أو يحكُمُها قواعِدُ، وهي كثيرةٌ مشهورةٌ في العِقدِ الفَريدِ، مِثلُ "حديثِ المُجَرَّد" وحديثِ عَبَّاسِ بنِ الأحنَفِ، وزواجِ المأمونِ ببُورانَ وغَيرِها.
ثمَّ تطَوَّرت تلك الأشياءُ إلى أن وصَلَت صورةُ المقاماتِ النَّثْريةِ، الَّتي ابتدعها بَديعُ الزَّمانِ الهمَذانيُّ، وسار على مِنوالِه تلامِذتُه، وهي نمَطٌ مِن أنماطِ الحِكايةِ الَّتي لا تخضَعُ لقواعِدِ القِصَّةِ وقوانينِها [165] يُنظر: ((التحرير الأدبي)) لحسين علي (ص: 285)، ((الأدب العربي الحديث)) لمسعد العطوي (ص: 151). .
على أنَّ ثَمَّةَ فُروقًا بَيْنَ الحِكاياتِ والأخبارِ وبَيْنَ القِصَصِ؛ فليس كُلُّ خَبَرٍ قِصَّةً، وإنَّما يُشتَرَطُ في القِصَّةِ أن تكونَ مُترابِطةَ الأجزاءِ، بحَيثُ تكونُ مِن بدايتِها إلى نهايتِها تدورُ حَولَ مَوضوعٍ واحِدٍ. وهي بهذا تخالِفُ الحِكاياتِ والأقاصيصَ الَّتي لا تُراعي ذلك.
ولهذا يرى النُّقَّادُ أنَّ القِصَّةَ هي: "قالَبٌ إبداعيٌّ يَعتَمِدُ فيه الكاتِبُ على سَردِ أحداثٍ مُعَيَّنةٍ تجري بَيْنَ شَخصيَّةٍ وأُخرى أو شَخصِيَّاتٍ مُتعَدِّدةٍ، يَستَنِدُ في قَصِّها وسَرْدِها على الوَصْفِ مع عُنصُرِ التَّشويقِ، حتَّى يَصِلَ بالقارِئِ أو السَّامِعِ إلى نُقطةٍ مُعَيَّنةٍ، تتأزَّمُ فيها الأحداثُ وتُسَمَّى "العُقْدة"، ويتطَلَّعُ المرءُ معها إلى الحَلِّ حتَّى يأتيَ في النِّهايةِ" [166] يُنظر: ((التحرير الأدبي)) لحسين علي (ص: 291). .

انظر أيضا: