موسوعة اللغة العربية

الفَرْعُ الثَّاني: الخَبَرُ الجُملة


وهو ما تركَّب من مُسنَدٍ ومُسنَدٍ إليه.
أي: مِن مُبتدَأٍ وخَبَرٍ، أو ما سدَّ مَسدَّ الخَبَر، أو: فِعلٍ وفاعلٍ، أو ما يَنوب مَنابَ الفاعِلِ، وعلى هذا يكونُ: إما جُملةً اسميَّةً، وإما جُملةً فِعليَّةً، كما في قَولِ الشَّاعِر:
البَغْيُ يَصْرَعُ أهْلَه
والظُّلمُ مَرْتَعُه وَخِيمُ
فجملةُ (يَصرَعُ أهلَه) جملةٌ فِعليَّةٌ في مَحَلِّ رَفعٍ خَبَرٌ للمُبتَدَأِ (البَغيُ)، وجملةُ (مَرتَعُه وخيمُ) جملةٌ اسميَّةٌ في مَحَلِّ رَفعٍ خَبَرٌ للمُبتَدَأِ (الظُّلْمُ).
شُروطُ الجُملةِ الواقِعةِ خَبَرًا:
لا بُدَّ في خَبَرِ الجُملةِ مِن ثلاثةِ شُروطٍ:
1- ألَّا تكونَ نِدائيَّةً، نَحوُ: (زيدٌ يا أعْدَلَ النَّاسِ)، فلا تكونُ: (يَا أعدَلَ النَّاسِ) خَبَرًا. ويجوزُ أن تكونَ طَلَبيَّةً، نَحوُ: زَيدٌ اضْرِبه، زيدٌ لا تُكرِمْه، كما يجوزُ أن تكونَ قَسَمية، نَحوُ: زيدٌ أُقْسِمُ باللهِ لأضْرِبنَّه.
2- ألَّا تكونَ مُصَدَّرةً بحرفٍ يدُلُّ على الاستدراكِ، مِثلُ: «لكن»، أو الإضرابِ، مِثلُ: «بل»، أو الاستئنافِ، مِثلُ: «حتَّى».
3- أن تشتَمِلَ على رابطٍ يربطُها بالمُبتَدَأِ، تَقولُ: محمَّدٌ طعامُه جيِّدٌ، فالهاء في "طعام" رابِطٌ يعودُ على المُبتَدَأِ، وهو محمَّدٌ.
ويُشتَرَطُ في الضَّميرِ أن يكونَ مُطابقًا للمُبتَدَأِ في التذكيرِ والتأنيثِ، والإفرادِ والتثنيةِ والجَمْعِ.
إلا أن تكونَ جُملةُ الخَبَرِ هي نَفْسَ المُبتَدَأِ في المعْنى؛ فلا تَحتاجُ إلى رابطٍ، نَحوُ: (قَولُ الصَّائمِ إذا سابَّه أحدٌ: إني صائِمٌ)؛ فالخَبَر جُملةُ (إني صائِمٌ)، وهو نفس المُبتَدَأِ في المعنى؛ لأنَّه هو منطوقُ قَولِ الصَّائِمِ، فلا يحتاجُ إلى رابطٍ، ونحو: كَلِمةُ التوحيدِ: لا إلهَ إلَّا اللهُ؛ فإنَّ الخَبَر هو نفْسُ المُبتَدَأِ في المعنى يُنظَر: ((ارتشاف الضَّرَب من لسان العرب)) لأبي حيان الأندلسي (3/ 1115)، ((توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك)) للمرادي (1/ 474). .
روابِطُ جُملةِ الخَبَر بالمُبتَدَأِ:
1- الضَّميرُ: سواءٌ أكان بارزًا، أم مسْتَتِرًا، أم مُقدَّرًا، وسواءٌ كان ضميرَ رَفعٍ، أو ضَميرَ نصْبٍ، أو ضَميرَ جَرٍّ.
الأمثلةُ:
مثالُ الضَّميرِ البارِزِ: (الطالبانِ نَجَحا) فالخَبَرُ جملةُ (نجحا) المكوَّنةُ من فعلٍ وفاعل، والرابطُ هو الفاعِلُ، وهو ضميرُ الاثنينِ العائِدُ على المُبتَدَأِ.
مِثالُ الضَّميرِ المُستَتِرِ: (أنت تقولُ الحقَّ) فالخَبَرُ جملةُ (تقولُ الحَقَّ) المكوَّنةُ من فعلٍ وفاعلٍ ومفعولٍ به، والفاعِلُ ضميرٌ مُستَتِرٌ تقديرُه (أنت)، وهو الرَّابِطُ العائِدُ على المُبتَدَأِ.
مثالُ الضَّميرِ المُقَدَّرِ: (الثَّوبُ الرَّائِحةُ رائِحةُ الوَردِ) فالخَبَرُ جملةُ (الرائحةُ رائحةُ الوردِ) المكوَّنة من مُبتَدَأٍ وخَبَرٍ، والرابِطُ هو الضَّميرُ المقدَّرُ؛ فتقديرُ الكلامِ: (الرائحةُ منه...).
2- اسمُ الإشارةِ المشارُ به إلى المُبتَدَأِ، نَحوُ: (الجنَّةُ تلك مُبْتغى المتَّقين)، فإذا قدَّرت الخَبَر جملةَ: (تِلْك مُبْتغى المتَّقين) المكوَّنةَ من مُبتَدَأٍ وخَبَر، والرَّابِط هو الإشارة للمُبتَدَأِ الأوَّلِ، أمَّا إذا أعرَبْتَ «تِلْك» بدلًا من «الجنَّةُ» فالخَبَر يكونُ حينئذٍ مفردًا لا يحتاجُ إلى رابطٍ. ومنه قَولُه تعالى: وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ [الأعراف: 26] ، وقَولُه تعالى: وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ [الأعراف: 36] .
3- إعادة المُبتَدَأِ بلَفْظِه، نَحوُ: الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ [الحاقة: 1، 2] فالخَبَرُ جملةُ مَا الْحَاقَّةُ، والرَّابطُ تكرارُ المُبتَدَأِ، أو معْناه، نَحوُ: الأسَدُ ما الغَضَنْفَرُ، فالخَبَرُ جملةُ "ما الغَضَنْفَرُ" تُعرَب (ما) اسمُ استِفهامٍ مُبتَدَأٌ ثانٍ، و(الحاقَّةُ / الغَضَنْفَرُ) خَبَر المُبتَدَأِ الثَّاني، والجملةُ في مَحَلِّ رَفعٍ خَبَرُ المُبتَدَأِ الأوَّلِ.
4- اشتِمالُ جُملةِ الخَبَرِ على اسمٍ أعمَّ من المُبتَدَأِ، نَحوُ: (محمدٌ نِعْمَ الرجُلُ)؛ فالخَبَرُ جُملةُ: (نِعْمَ الرَّجُلُ) وهي جملةٌ فعليَّةٌ، والرَّابطُ شمولُ (الرَّجُل) للمُبتَدَأِ، وهو (محمَّد) يُنظَر: ((شرح الكافية الشافية)) لابن مالك (1/ 344)، ((شرح قطر الندى وبل الصدى)) لابن هشام (ص: 118). .

انظر أيضا: