موسوعة اللغة العربية

المَبْحَثُ الأوَّلُ: الاسْتِشْهادُ


وهو أن يُورَدَ البَيتُ مِنَ الشِّعرِ أو البَيْتَينِ أو أكثَرَ في خِلالِ الكَلامِ المنثورِ مُطابِقًا لِمَعنى ما تقدَّم مِنَ النَّثْرِ، ولا يُشترَطُ فيه أن يقولَ: "قال فُلانٌ" كما اشتُرِط ذلك في الاسْتِشْهادِ بالقُرآنِ والسُّنَّةِ؛ إذ يكفي أن يكونَ الشِّعرُ مَشهورًا لغَيرِه حتَّى لا يُعَدَّ مِن قَبيلِ الأخذِ والانتِحالِ.
فمِن أمثِلةِ الاسْتِشْهادِ ما كَتَب به القاضي الفاضِلُ إلى بَعْضِ إخوانِه يَستَوحِشُ منه، ويتشَوَّقُ إليه:
(فيا رَبِّ إنَّ البَيْنَ أضحَت صُروفُه
عَلَيَّ وما لي مِن مُعينٍ فكُنْ مَعي
على قُرْبِ عُذَّالي وبُعْدِ أحِبَّتي
وأمواهِ أجفاني ونيرانِ أَضْلُعي
هذه تحيَّةُ القَلْبِ المُعَذَّبِ، وسَريرةُ الصَّبرِ المُذَبْذَبِ، وظُلامةُ عَزمِ السُّلُوِّ المكَذَّبِ، أصدَرْتُها إلى المجلِسِ وقد وَقَدَ في الحَشا نارُها، والزَّفيرُ أُوارُها، والدُّموعُ شَرارُها، والشَّوقُ آثارُها، وفي الفُؤادِ ثارُها) [67] يُنظر: ((مسالك الأبصار في ممالك الأمصار)) لابن فضل الله العمري (12/198). .
فالبَيتانِ لعَبدِ الجَبَّارِ بنِ حَمديسَ الأزْدِيِّ، استشهد بهما القاضي الفاضِلُ في بيانِ عَظيمِ ما بلَغَه مِنَ الشَّوقِ والبُعْدِ.

انظر أيضا: