موسوعة اللغة العربية

المبحث الأول: النَّشْأةُ


كانت بِداياتُ ظُهورِ عِلمِ التَّجْويدِ في القَرْنِ الرَّابِعِ الهِجْريِّ على يَدِ أبي مُزاحِمٍ الخاقانيِّ الَّذي نظَم قَصيدةً في حُسْنِ أداءِ القُرآنِ، ثمَّ كثُرتِ المُؤَلَّفاتُ فيه في القَرْنِ الخامِسِ حتَّى اكْتَمل هذا العِلمُ، وأُطلِقَ عليه اسمُ التَّجْويدِ في مُؤَلَّفاتِ هذا القَرْنِ، مِثلُ كِتابِ ((الرِّعاية لتَجويدِ القُرآنِ)) لمَكِّيِّ بنِ أبي طالِبٍ (ت 437هـ)، وكِتابِ ((التَّحْديدِ في الإتْقانِ والتَّجْويدِ)) لأبي عَمْرٍو الدَّاني (ت 444هـ)، ثمَّ تَتابَع التَّأليفُ في هذا العِلمِ بعد ذلك إلى عَصْرِنا، وتَنوَّعتْ مَناهِجُ التَّأليفِ فيه بَينَ الإيجازِ والتَّفْصيلِ، والنَّظْمِ والنَّثرِ معَ المُحافَظةِ على صُورتِه الأُولى الَّتي نشَأ عليها.
أمَّا عِلمُ الأصْواتِ الحَديثُ فقد كان تَأسيسُه عند الغَربيِّين في القَرْنِ السَّابعَ عشَرَ أو القَرْنِ الثَّامنَ عشَرَ، أي: إنَّ عِلمَ التَّجْويدِ أقْدَمُ نَشْأةً منه بسِتَّةِ قُرونٍ أو سَبْعةِ قُرونٍ. وأوَّلُ مُؤلَّفٍ له في العَربيَّةِ هو كِتابُ: ((الأصْواتِ اللُّغويَّةِ)) للدُّكتورِ إبْراهيم أنيس (1947م) ثمَّ كثُرتِ المُؤَلَّفاتُ بعد ذلك مُعْتمِدةً على جُهودِ الدِّراساتِ الغَربيَّةِ معَ الاهْتِمامِ بجُهودِ بعضِ عُلَماءِ العَربيَّةِ؛ كالخَليلِ وسِيبَوَيهِ وابنِ جنِّي، في دِراسةِ الأصْواتِ.
وفي السَّنَواتِ الأخيرةِ اسْتَفاد الباحِثون مِن مُخْتبَراتِ الصَّوتِ والأجْهِزَةِ الحَديثةِ في دِراسةِ الصَّوتِ وتَحْليلِه، وتَنوَّعتْ مَناهِجُ دِراسةِ الأصْواتِ، واسْتَفاد الدَّارِسون العَربُ مِن هذا التَّقدُّمِ وألَّفوا كُتبًا في عِلمِ الأصْواتِ.

انظر أيضا: