موسوعة اللغة العربية

المبحث السَّادسُ: التَّصْنيفُ الجِينيُّ والرَّمزيُّ للُّغاتِ


التَصْنيفُ الجِينيُّ: يَعْتمِدُ التَّصْنيفُ الجِينيُّ لِلُّغاتِ على العَلاقةِ بَينَ هذه اللُّغاتِ، أي: ذاتِ الأُصولِ المُشْترَكةِ، كما تُعَدُّ العَلاقةُ بَينَ بعضِ اللُّغاتِ مُثْبَتةً إذا تمَّ الكَشْفُ عن أصْلٍ مُشْترَكٍ لجُزءٍ كَبيرٍ مِنَ الأشْكالِ اللُّغويَّةِ لِهذه اللُّغاتِ، بالإضافةِ إلى جَميعِ اللَّواحِقِ النَّحْويَّةِ (إن وُجِدت)، والعَديدِ مِنَ الجُذورِ اللُّغويَّةِ، كما يَتِمُّ تأكيدُ الأصْلِ المُشْترَكِ للجُذورِ واللَّواحِقِ مِن خِلالِ وُجودِ طُرقِ تَواصُلٍ صَوتيَّةٍ مُنْتظِمةٍ بَينَ اللُّغاتِ. فإذا كان مِنَ المُمكِنِ إنْشاءُ مُقارَنةٍ صَوتيَّةٍ تاريخيَّةٍ تَسمَحُ لنا بإعادَةِ بِناءِ جُذورِ اللُّغةِ الأمِّ تَقْريبًا، وتَحْويلِها إلى جُذورِ اللُّغةِ الوَليدةِ المُرادِ تَتبُّعُها (وَفقًا للقَواعِدِ والأنْظِمةِ اللُّغويَّةِ الدَّقيقةِ)، يتِمُّ وقتَها إنْشاءُ العَلاقةِ بَينَ هاتين اللُّغتَين. ومِن هذا المُنطلَقِ فإنَّ وُجودَ العَديدِ مِنَ العائِلاتِ اللُّغويَّةِ في العالَمِ القَديمِ أمرٌ لا جِدالَ فيه، فعلى سَبيلِ المِثالِ: الهِند-أوروبِّيَّةُ والأوراليَّةُ (معَ العائِلاتِ الفَرعيَّةِ: Finno-Ugric وSamoyed)، والتُّرْكيَّةُ والمَنْغوليَّةُ والمانشو-Tungusic، والدرافيديَّةُ والكارتفيليَّةُ والسيميتو الحامِيةُ (Afro- آسيويٌّ).
التَّصْنيفُ الرَّمزيُّ اللُّغويُّ: يَعْتمِدُ التَّصْنيفُ الرَّمزيُّ اللُّغويُّ في اللُّغاتِ على البَياناتِ المورفولوجيَّةِ الَّتي تمَّ جَمْعُها بشَكْلٍ مُستقِلٍّ عنِ القُربِ الجِينيِّ أوِ المَكانيِّ للُّغاتِ، ويكونُ ذلك بالاعْتِمادِ بشَكْلٍ حَصْريٍّ ومُستقِلٍّ على خَصائِصِ البِنْيةِ اللُّغويَّةِ للُّغةِ. كما يَسْعى هذا التَّصْنيفُ إلى تَضْمينِ موادَّ وعَناصِرَ لُغويَّةٍ مِن جَميعِ اللُّغاتِ في شتَّى أقْطارِ العالَمِ؛ وذلك لكي تَعكِسَ أوجُهُ التَّشابُهِ والاخْتِلافِ هذه الأنْماطَ اللُّغويَّةَ المُتعدِّدةَ، بالإضافة إلى إيجادِ أنْواعِ وخَصائِصِ اللُّغةِ المُمكِنةِ لكلِّ لُغةٍ أو مَجْموعةٍ مِنَ اللُّغاتِ الَّتي يُوجَدُ فيها بعضُ التَّشابُهاتِ بشَكْلٍ نِسبيٍّ. ولكنْ، لا يَسْتخدِمُ التَّصْنيفُ اللُّغويُّ الحَديثُ البَياناتِ المورفولوجيَّةَ المُتوافِرةَ فحسْبُ، بل يَسْتخدِمُ أيضًا البَياناتِ الصَّوتيَّةَ والنَّحْويَّةَ والدَّلاليَّةَ في اللُّغاتِ، وفيما يَتعلَّقُ بنَوعِ اللُّغةِ -أيِ: الخَصائِصِ والصِّفاتِ الأساسيَّةِ لبِنْيتِها- فيُعَدُّ الأساسَ لتَضْمينِ لُغةٍ في التَّصْنيفِ النَّمَطيِّ، ومعَ ذلك فإنَّ النَّوعَ اللُّغويَّ لا يتِمُّ تَفْعيلُه والاعْتِمادُ عليه بشَكْلٍ أساسيٍّ في اللُّغةِ، ولكنْ يتِمُّ تَمْثيلُ عِدَّةِ أنْواعٍ لُغويَّةٍ في كلِّ لُغةٍ، أي: إنَّ كلَّ لُغةٍ مُتعدِّدةُ الأنْماطِ؛ لِذلك مِنَ المُناسِبِ أن نقولَ إنَّه يُوجَدُ نَوعٌ مُحدَّدٌ ومُميَّزٌ في بِنْيةِ وتَرْكيبةِ كلِّ لُغةٍ بشَكْلٍ مُعيَّنٍ، وعلى هذا الأساسِ يتِمُّ إجْراءُ مُحاوَلاتٍ لإعْطاءِ تَفْسيرٍ عِلميٍّ ولُغويٍّ للخَصائِصِ النَّمَطيَّةِ المَوجودةِ في اللُّغةِ [295] يُنظَر: مقال: ((علم اللغة الاجتماعي والتصنيفات اللُّغويَّة)) ندين حمدان، https://t.ly/yO5n .

انظر أيضا: