موسوعة اللغة العربية

المَبحَثُ الرَّابعُ: مفهومُ النَّظَريَّةِ التوليديَّةِ التحويليَّةِ


تعدَّدت تعريفاتُ عُلَماءِ اللُّغةِ للنَّحوِ التوليديِّ، ونذكُرُ منها ما يأتي:
1- أنَّه (نظامٌ من القواعِدِ التي تقدِّمُ وصفًا تركيبيًّا للجُمَلِ بطريقةٍ واضحةٍ وأكثَرَ تحديدًا، وهذا هو المرادُ بالنَّحوِ التوليديِّ، وكُلُّ مُتكَلِّمٍ تكلَّمَ لغةً يكونُ قد استعملها واستبطن نحْوًا توليديًّا، وهذا لا يعني أنَّه على وعيٍ بالقواعِدِ الباطنيَّةِ التي يكونُ قد استعملَها أو سيكونُ على وعيٍ بها.. إنَّ النَّحْوَ التوليديَّ يهتَمُّ بما يعرِفُه المتكَلِّمُ فِعلًا، وليس ما يمكِنُه أن يرويَه من معرفتِه) )[261](   N.Chomsky: Aspects de la theorie syntaxique, traduit de l'anglais par Jean-Claude Milner, édition du Seuil. 1971.p19. Ruwet (1968).p32. CH.Nique Initiation methodique à la grammaire générative, Librairie Armand colin. Paris. 1974pp21-22 نقلًا عن: ((محاضرات في المدارس اللسانية المعاصرة)) شفيقة العلوي (ص: 41). .
2- هو (تلك المعرفةُ اللاواعيةُ بنظامِها التركيبيِّ، الدَّلاليِّ والفونولوجيِّ، والذي يسمَحُ للمتكَلِّمِ بإنتاجِ عَدَدٍ غيرِ محدودٍ من الجُمَلِ الصَّحيحةِ نحويًّا ودَلاليًّا بفضلِ الطَّاقةِ الترَدُّديةِ (recursive) لقواعِدِها. إنَّ هذا المنحى لا يُصَيِّرُ النَّحوَ التوليديَّ مِعياريًّا) ((G.normative) كالنَّحوِ التقليديِّ الذي يهدُفُ إلى الحُكمِ على اللُّغاتِ بالفسادِ أو الصَّوابِ، بل إنَّه يسعى لتوليدِ العَدَدِ اللَّانِهائيِّ من الجُمَلِ والتمييزِ بَينَها لطَردِ كُلِّ ما هو مجانِبٌ لقواعِدِها الضِّمنيَّةِ. وبهذا يصبِحُ النَّحوُ التوليديُّ نموذجًا لسانيًّا للمُتَكَلِّمِ المثاليِّ) )[262] (N.Chomsky Le langage et pensée, traduit par Louis-Jean Calvet, édition Payot . c)1969.p33. نقلًا عن: ((محاضرات في المدارس اللسانية المعاصرة)) شفيقة العلوي (ص: 41). .
3- هو: تَحويلُ جُملةٍ إلى أخرى، أو تَركيبٍ إلى آخَرَ، والجُملةُ المُحوَّلةُ عنها هي ما يُعرَفُ بالجُملةِ الأصلِ -البِنيةِ العَميقةِ- والقَواعِدُ الَّتي تَتَحكَّمُ في تَحويلِ الأصلِ هي القَواعِدُ التَّحويليَّةُ، وهي قَواعِدُ تَحذِفُ بعضَ عَناصِرِ البِنيةِ العَميقةِ، أو تَنقُلُها مِن مَوقِعٍ إلى مَوقِعٍ آخَرَ، أو تُحوِّلُها إلى عَناصِرَ مُختلِفةٍ، أو تُضيفُ إليها عَناصِرَ جَديدةً، وإحدى وَظائِفِها الأساسيَّةِ تَحويلُ البِنيةِ العَميقةِ الافتِراضيَّةِ الَّتي تَحتوي على مَعنى الجُملةِ الأساسيِّ إلى البِنيةِ السَّطحيَّةِ المَلموسةِ الَّتي تُجسِّدُ بِناءَ الجُملةِ وصِيغتَها النِّهائيَّةَ [263] يُنظَر: ((من الأنماط التحويلية في النحو العربي)) لمحمد حماسة عبد اللطيف (ص: 13)، ((قواعد تحويلية باللغة العربية)) لمحمد على الخولي (ص: 22). .
4- (إنَّ التَّحويلَ (la transformation) عمليَّةٌ نحْويَّةٌ تجري على: سلسلةٍ تملِكُ بِنيةً نحويَّةً وتنتمي إلى سلسلةٍ جديدةٍ ذاتِ بِنيةٍ نحْويَّةٍ مُشتَقَّةٍ. إنَّه عَلاقةٌ تَربِطُ بَينَ تمثيلَينِ؛ تمثيلٍ أوَّليٍّ مجرَّدٍ، هو البِنيةُ العميقةُ، وتمثيلٍ مُشتَقٍّ نهائيٍّ هو البِنيةُ السَّطحيَّةُ) [264] يُنظَر: ((محاضرات في المدارس اللسانية المعاصرة)) لشفيقة العلوي (ص: 56). . (وأيَّةُ قواعِدَ تُعطي لكلِّ جملةٍ في اللُّغةِ تركيبًا باطنيًّا وتركيبًا ظاهريًّا، وتربِطُ التركيبَينِ بنظامٍ خاصٍّ، يمكِنُ أن تُكَوِّنَ قواعِدَ تحويليَّةً. ولو لم تَصِفْ نفسَها بهذا الوصفِ؛ فالرَّبطُ بَينَ التركيبِ الظَّاهِريِّ والباطِنيِّ هو التحويلُ) [265] يُنظَر: ((قواعد تحويلية للغة العربية)) لمحمد علي الخولي (ص: 22). .
وبهذا المبدَأِ الجديدِ لم يَعُدِ النَّحوُ التوليديُّ مجرَّدَ آلةٍ هَدَفُها الأساسيُّ حَصرُ وإنتاجُ العَدَدِ اللَّانهائيِّ من الجُمَلِ، انطلاقًا من العَدَدِ النِّهائيِّ من القواعِدِ والوَحَداتِ الكلاميَّةِ. بل لقد أضحى ضَبطًا للتركيبِ الذي يقومُ عليه نظامُ اللُّغةِ، وكذا القواعِدُ التي تحكُمُه، ومِن ثَمَّ أصبحت الجملةُ المُنجَزةُ في الحدَثِ الكلاميِّ تُحَلَّلُ وَفقَ مُستَوَيينِ:
مُستوى البِنيةِ العميقةِ، الذي يُقَدِّمُ التفسيرَ الدَّلاليَّ الذَّاتيَّ، ثم يخضَعُ لمجموعةٍ من القواعِدِ النحويَّةِ، فيتولَّدُ نتيجةَ ذلك الشَّكلُ المادِّيُّ لها [266] ((محاضرات في المدارس اللسانية المعاصرة)) لشفيقة العلوي (ص: 56- 57). .
أبرَزُ مبادِئِ النَّحوِ التَّوليديِّ:
1-التَّوليدُ: يُعَدُّ التوليدُ من أهَمِّ المفاهيمِ التي جاء بها النَّحوُ التوليديُّ وتميَّز بها. ويُقصَدُ به القدرةُ على الإنتاجِ غَيرِ المحدودِ للجُمَلِ، انطلاقًا من العَدَدِ المحصورِ من القواعِدِ في كلِّ لغةٍ، وفَهْمِها، ثمَّ تمييزِها عمَّا هو غيرُ سليمٍ نحْويًّا [267] يُنظَر: ((محاضرات في المدارس اللسانية المعاصرة)) لشفيقة العلوي (ص: 56). . (إنَّ التوليدَ ليس الإنتاجَ المادِّيَّ للجُمَلِ، بل هو القدرةُ على التمييزِ بَينَ ما هو نحويٌّ وغيرُه، وطَردُ الثَّاني من مجالِه اللِّسانيِّ، وهذا بفَضلِ القدرةِ الذَّاتيَّةِ لقواعدِ اللُّغةِ) [268] يُنظَر: ((قواعد تحويلية للغة العربية)) لشفيقة العلوي (ص: 56). . وتتَّخِذُ هذه القواعِدُ شكلًا رياضيًّا يتجلَّى من خلالِ مجموعةٍ من الرُّموزِ المتواليةِ تُدعى قواعِدَ إعادةِ الكتابةِ (ق إ ك) أي:
 Les regles de reeritures حيث تعادُ كتابةُ كُلِّ رمزٍ من اليمينِ إلى اليسارِ بالتدرُّجِ؛ حتَّى يُتوصَّلَ إلى آخِرِ سِلسلةٍ من الرُّموزِ التَّجريديَّةِ التي لا تَقبَلُ الاشتقاقَ [269] نقلًا عن: ((محاضرات في المدارس اللسانية المعاصرة)) شفيقة العلوي (ص: 42). .
(فإذا كانت الجملةُ تتكوَّنُ من ركنَينِ: اسميٍّ وفِعليٍّ؛ فإنَّ توليدَها يتِمُّ على النَّحوِ التَّالي:
ج م س + م إ
م س م ف
م إ م إ س
م ف  ج ف + ز
ج ف   ذهب
ز  ماض
م إ  تعر +ا س
تعر   أل
ا س  رجل
ولقد قام النَّحوُ التوليديُّ بتعويضِ هذه الصِّياغةِ الرِّياضيَّةِ بشَجَرةٍ؛ بحيث إنَّ كُلَّ عُقدةٍ منها تمثِّلُ مُؤَلَّفًا مباشِرًا، ويتوالى تشجيرُ هذه المؤلَّفاتِ حتى يُتحَصَّلَ على آخِرِ الوحَداتِ الكلاميَّةِ التي لا يمكِنُ توليدُها.
            ج
         
       م س        م أ
       م ف       م إ س
     ف   ز         تعر  اس                  
     ذهب:  ماضٍ       أل   رجل) [270] نقلًا عن: ((محاضرات في المدارس اللسانية المعاصرة)) شفيقة العلوي (ص: 42). .
المَلَكةُ والتَّأديةُ: المَلَكةُ هي: المعرفةُ اللَّاواعيةُ والضِّمنيَّةُ بقواعِدِ اللُّغةِ التي يكتَسِبُها المتكَلِّمُ منذُ طفولتِه، وتبقى راسِخةً في ذِهنِه، فتمَكِّنُه فيما بَعدُ من إنتاجِ العَدَدِ غيرِ المحدودِ من الجُمَلِ الجديدةِ التي لمَّا يسمَعْها من قَبلُ إنتاجًا ابتكاريًّا لا مجرَّدَ تقليدٍ ساكنٍ، ثمَّ التمييزِ بَينَ ما هو سليمٌ نحْويًّا وبَينَ غيرِه. والتَّأديةُ هي: (الممارَسةُ الفِعليَّةُ والآنيَّةُ لهذه المَلَكةِ، وإخراجٌ لنظامِها اللُّغَويِّ الضِّمنيِّ من حيِّزِه اللَّاشُعوريِّ إلى الحيِّزِ الإدراكيِّ الفَعَّالِ في ظروفٍ مادِّيَّةٍ متنوِّعةٍ) [271] نقلًا عن: ((محاضرات في المدارس اللسانية المعاصرة)) شفيقة العلوي (ص: 46). . وهما وجهانِ يتكامَلانِ من أجلِ إنجازِ الفعلِ اللِّساني؛ فإذا كانت الأولى معرفةً بقواعِدِ اللُّغةِ فإنَّ الثانيةَ هي الانعكاسُ المباشِرُ لها. بَيْدَ أنَّه ليس بالانعكاسِ التَّامِّ؛ لكَونِه يتأثَّرُ بعوامِلَ خارجيَّةٍ مِثلِ الظُّروفِ الاجتماعيَّةِ والنَّفسيَّةِ... أمَّا المَلَكةُ فهي عامَّةٌ ومُشتَرَكةٌ بَينَ أبناءِ المُجتَمَعِ اللُّغَويِّ الواحِدِ المتجانِسِ ما داموا جميعًا يَملِكون المعرفةَ نَفسَها بنظامِ اللُّغةِ [272] يُنظَر: ((الألسنية علم اللغة الحديث)) ميشال زكريا (ص: 277). .
إنَّ المَلَكةَ تَظَلُّ هي الخاصيَّةَ التي تميِّزُ الإنسانَ عن المخلوقاتِ كافَّةً، وتُسقِطُ عنه صفةَ الآليَّةِ والحيوانيَّةِ المجرَّدةِ من التفكيرِ المُبدِعِ، وتُيَسِّرُ له الاستعمالَ النِّهائيَّ للتعبيرِ عن اللَّانهائيِّ من الجُمَلِ وفَهْمِها: (إنَّ المَلَكةَ اللُّغَويَّةَ خَصيصةٌ من خصائِصِ النَّوعِ، ومقصورةٌ عليه في صفاتِها الأساسيَّةِ، وهي قادرةٌ على إنتاجِ لُغةٍ غَنيَّةٍ ومُفَصَّلةٍ ومعقَّدةٍ على أساسٍ من مادَّةٍ لُغَويَّةٍ قليلةٍ) [273] ((اللغة ومشكلات المعرفة)) تشومسكي، ترجمة حمزة بن قبلان (ص: 46). .
ومع تطَوُّرِ النَّظَريَّةِ لم يَعُدْ يُقصَدُ بها نظامُ اللُّغةِ المُستَتِرُ في اللَّاشُعورِ مُقابِلَ الاستعمالِ الآنيِّ. بل إنَّ المَلَكةَ قُدرةُ المتكَلِّمِ السَّامِعِ المِثاليِّ على أن يمنَحَ لكُلِّ جملةٍ ينطِقُها نظامًا لُغَويًّا خاصًّا، به يَتِمَّ ربطُ المعنى بمجموعةِ الأصواتِ المادِّيَّةِ التي تؤلِّفُه عن طريقِ قواعِدِ هذا النِّظامِ اللُّغَويِّ المُرسَّخِ بالقُوَّةِ وبكيفيَّةٍ لا واعيةٍ في ذِهنِ المتكَلِّمِ منذُ طفولتِه. وأمَّا التأديةُ فما هي سوى انعكاسٍ لهذه العَلاقةِ. إنَّ الشَّخصَ الذي استوعَبَ نِظامًا من القواعِدِ التي تربِطُ الصَّوتَ بالمعنى بطريقةٍ مُعَيَّنةٍ يكونُ قد استوعب مَلَكةً يُوَظِّفُها من أجلِ إنتاجِ وفَهمِ الأحداثِ الكلاميَّةِ [274] نقلًا عن: ((محاضرات في المدارس اللسانية المعاصرة)) شفيقة العلوي (ص: 46). .
الإبداعيَّةُ: وتتمثَّلُ في القُدرةِ على الإنتاجِ غيرِ المحدودِ للجُمَلِ، انطلاقًا من العَدَدِ المحصورِ من الكَلِماتِ والقواعِدِ الثَّابتةِ في ذِهنِ المتكَلِّمِ؛ فهذه النَّظَريَّةُ تنبني على ما يمكِنُ تسميتُه بـ "لا نهائيَّةِ اللُّغةِ"؛ فكُلُّ لغةٍ تتكَوَّنُ من مجموعةٍ من الأصواتِ، ومع ذلك فهي تُنتِجُ وتُوَلِّدُ جملًا لا نهائيَّةً لها. والإبداعيَّةُ نوعانِ: إبداعيَّةٌ تُغَيِّرُ نظامَ اللُّغةِ، ومحَلُّها التأديةُ-الإبداعيَّةُ التي تحكُمُها القواعِدُ وتوجِّهُها، ومجالُها المَلَكةُ [275] يُنظَر: ((النحو العربي والدرس الحديث)) عبده الراجحي (ص: 144). .
النَّحْويَّةُ: وهَدَفُها هو التمييزُ بَينَ الجُمَلِ النَّحْويَّةِ (grammaticale) البسيطةِ وبَينَ الجُمَلِ غيرِ النَّحْويَّةِ (Agrammaticale) المنحَرِفةِ عن قواعِدِ النِّظامِ اللُّغَويِّ الضِّمنيِّ، والواجِبُ إبعادُها عنه؛ فالجملةُ تكونُ نحويَّةً في لغةٍ ما إذا كانت جيِّدةَ التركيبِ، وتكونُ غيرَ نحويَّةٍ إذا انحرَفَت بطريقةٍ أو بأُخرى عن المبادِئِ التي تحدِّدُ نحويَّةَ هذه اللُّغةِ. كما تصبو إلى محاولةِ تصحيحِ غيرِ النَّحْويِّ انطلاقًا من قواعِدِ نِظامِها اللُّغَويِّ [276] يُنظَر: ((محاضرات في المدارس اللسانية المعاصرة)) شفيقة العلوي (ص: 49). .
الحَدْسُ: وهو مَقدِرةُ مُتكَلِّمِ اللُّغةِ على إعطاءِ المعلوماتِ حَولَ مجموعةٍ من الكَلِماتِ المتلاحِقةِ من حيثُ إنَّها تؤلِّفُ جملةً صحيحةً، أو جملةً منحَرِفةً عن قواعِدِ اللُّغةِ بالحَدْسِ اللُّغَويِّ، وهو جزءٌ من الملَكةِ الإنسانيَّةِ [277] يُنظَر: ((الألسنية علم اللغة الحديث)) ميشال زكريا (ص: 8- 9- 157). .
ظاهِرةُ الغُموضِ: ترتَبِطُ هذه الظَّاهِرةُ بالمجانَسةِ في البناءِ؛ فالجُملةُ الواحِدةُ قد يكونُ لبنائِها الخارجيِّ معنيانِ متبايِنانِ؛ ممَّا أدَّى إلى غُموضِ الجُملةِ وعَدَمِ إدراكِ المعنى المقصودِ منها بسُهولةٍ. إنَّ هذا الأمرَ هو الذي دفَعَ تشومِسْكي إلى البحثِ عن البِنيةِ الأصليَّةِ للترَّكيبِ النَّوويِّ (noyan) لكُلِّ جملةٍ منطوقةٍ أو مكتوبةٍ، وبذلك يتسَنَّى استيعابُ معناها. إنَّ هذينِ التركيبَينِ النَّوويَّ المستَتِرَ والخارجيَّ الظاهِرَ هما ما يُصطَلَحُ على تسميتِهما بالبِنيةِ العميقةِ والسَّطحيَّةِ، فالغُموضُ هو السَّبَبُ الرَّئيسُ للتَّمييزِ بينهما من أجلِ تحديدِ مفهومٍ دقيقٍ للجُملةِ المُنتِجةِ [278] نقلًا عن: ((محاضرات في المدارس اللسانية المعاصرة)) شفيقة العلوي (ص: 51- 52). .
البِنيةُ العميقةُ والسَّطحيَّةُ: إنَّ البِنيةَ العميقةَ هي التَّركيبُ الباطنيُّ المجرَّدُ الموجودُ في ذِهنِ المتكَلِّمِ وُجودًا فِطريًّا، وهي أوَّلُ مرحلةٍ من عمليَّةِ الإنتاجِ الدَّلاليِّ للجُملةِ. إنَّها التركيبُ المُستَتِرُ الذي يحمِلُ عناصِرَ التَّفسيرِ الدَّلاليِّ، أمَّا البِنيةُ السَّطحيَّةُ فهي تتمَثَّلُ في التركيبِ التسلسُليِّ السَّطحيِّ للوَحَداتِ الكلاميَّةِ المادِّيَّةِ المنطوقةِ أو المكتوبةِ؛ ومِن ثمَّ فكُلُّ جملةٍ  في إطارِ النَّظَريَّةِ تَضُمُّ بِنيَتَينِ: عميقةٌ، وأُخرى سطحيَّةٌ. وبذلك يتبَيَّنُ أنَّ النَّحوَ التوليديَّ لا يكونُ تحويليًّا إلَّا بشرطَينِ:
1- تمييزُه بَينَ البِنيةِ العميقةِ والسَّطحيَّةِ للجُملةِ.
2- اشتِمالُه على نوعينِ من القواعِدِ هما:
أ- قواعِدُ نَسَقيَّةٌ (Les régles syntagmatiques)، وتتمثَّلُ في قواعِدِ إعادةِ الكتابةِ، التي تُحَلَّلُ وَفْقَها الجملةُ تدريجيًّا حتى يتحَصَّلَ على تمثيلِها المجرَّدِ.
ب- قواعِدُ تحويليَّةٌ (Les régies transformationnelles) التي تحَوِّلُ التمثيلَ المجرَّدَ شِبهَ النِّهائيِّ إلى تمثيلٍ مادِّيٍّ [279] ((محاضرات في المدارس اللسانية المعاصرة)) شفيقة العلوي (ص: 53: 57). .

انظر أيضا: