موسوعة اللغة العربية

المَبحَثُ السَّادِسُ: المُشَجَّرُ (المُسَلْسَلُ)


هو فَنٌّ من فُنونِ اللُّغةِ، استَحدَثَه بَعضُ العُلَماءِ، وسَمَّاه (شَجَرَ الدُّرِّ)؛ وذلك أن يَجيئوا بالكَلمةِ المُشتَرَكةِ فيَعتَبِرونَها شَجَرةً يُفَرِّعونَ من مَعانيها المُختَلفةِ فُروعًا، ويَستَرسِلونَ في تَفسيرِ الكَلامِ على الوَجهِ المُشتَرَكِ، حتى تَبلُغَ الشَّجَرةُ مِائةَ كَلِمةٍ أو أكثَرَ، وكُلُّها مُتَسَلسِلةٌ من كلمةٍ واحِدةٍ.
وأوَّلُ من صَنعَ ذلك أبو عَمرٍو المُطرزُ في كِتابِه: ((المَداخِل في اللُّغةِ))، ثُمَّ قامَ مَعاصِرُه أبو الطَّيبِ اللُّغَويُّ بوضعِ كِتابِه: ((شَجَر الدُّرِّ))، وجَعلَ كُلَّ شَجَرةٍ في الكِتابِ مِائةَ كلمةٍ، إلَّا شَجَرةً خَتَمَ بها الكِتابَ عَدَدُ كَلِماتِها 500، وقال في كِتابِه: إنَّما سمَّينا البابَ شَجَرةً؛ لاشتِجارِ بَعضِ كلماتِه ببَعضٍ، أي: تَداخُلِه. فأخذَ وَضْعَ المُطرزِ وزادَ فيه وابتَدَعَ له تَسميةً جَديدةً.
وقد ضَمَّنَ كِتابَه خَمسينَ بابًا، افتَتَحَ كُلَّ بابٍ منها بشِعرٍ عَرَبيٍّ، وخَتَمَه بمِثلِ ذلك.
ومن أمثِلةِ المُشجَّرِ ما ذَكَرَه أبو الطَّيبِ اللُّغَويُّ في كِتابِه، فقال: (شَجَرة: العَينُ: عَينُ الوَجهِ، والوَجهُ: القَصْدُ، والقَصْدُ: الكَسْرُ، والكَسْرُ: جانِبُ الخِباءِ، والخِباءُ: مَصدَرُ خابَأتُ الرَّجُلَ؛ إذا خَبَّأْتَ له خَبًا، وخَبَّأ لَكَ مِثلَه، والخَبءُ: السَّحابُ؛ مِن قَولِه تَعالى: يُخْرِجُ الخَبْءُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ [النمل: 25] ، والسَّحابُ: اسمُ عِمَامةٍ كانت للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، والنَّبيُّ: التَّلُّ العالي، والتَّلُّ مَصدَرُ التَّليلِ، وهو المَصروعُ على وَجهٍ، والتَّلِيلُ: صَفحُ العُنُقِ، والعُنُقُ: الرِّجْلُ منَ الجَرادِ، والرِّجْلُ: العَهدُ، والعَهْدُ: المَطَرُ المُعاوِدُ...) [317] يُنظر: ((المزهر في علوم اللغة وأنواعها)) للسيوطي (1/ 351)، ((البلغة الى أصول اللغة)) لمحمد صديق خان (ص: 122)، ((تاريخ آداب العرب)) لمصطفى صادق الرافعي (1/ 128). .

انظر أيضا: