موسوعة اللغة العربية

المَطلَبُ الثَّاني: أسبابُه


التَّرادُفُ في اللُّغةِ له أسبابٌ عِدَّةٌ نُلَخِّصُها في الآتي:
1- وجودُ الكثيرِ من الألفاظِ السَّاميَّةِ، والموَلَّدةِ والمَشكوكِ في عربيَّتِها والموضوعةِ التي انتَقَلت إلى العَرَبيَّةِ.
2- عندما كان الخَطُّ العَرَبيُّ مجرَّدًا من الشَّكلِ والإعجامِ، كَثُر التَّصحيفُ في الكُتُبِ العَرَبيَّةِ القديمةِ، وأدَّى ذلك بدَورِه إلى ظُهورِ التَّرادُفِ.
3-الكثيرُ من نُعوتِ المُسَمَّى الواحِدِ انتَقَلت من معنى النَّعتِ إلى معنى الاسمِ الذي تَصِفُه؛ فالهِنديُّ والحُسامُ واليَمانيُّ والعَضبُ والقاطِعُ: من أسماءِ السَّيفِ، كُلٌّ منها يَدُلُّ في أصلِه على وَصفٍ للسَّيفِ مُغايِرٍ لِما يَدُلُّ عليه الآخَرُ.
4- واضِعو المُعجَماتِ لم يُمَيِّزوا بَينَ المعنى الحقيقيِّ لِلَّفظِ والمعنى المجازيِّ؛ فهناك كثيرٌ من المترادِفاتِ لم توضَعْ لِمعانيها الأصليَّةِ، بل استُخدِمَت استِخدامًا مَجازِيًّا.
5- واضِعو المُعجَماتِ دوَّنوا الكثيرَ من الكَلِماتِ التي كانت مهجورةً وقليلةَ الاستعمالِ واستبدلوا بها مُفرداتٍ أُخرى.
6- أنَّ العديدَ من المُتَرادِفاتِ في الحقيقةِ ليست كذلك؛ فكُلٌّ منها يدُلُّ على حالةٍ خاصَّةٍ بها، تختَلِفُ عمَّا سواها باختلافاتٍ طفيفةٍ، فرَمَق ولَحظَ وحَدجَ وشفَنَ ورَنَا -مَثَلًا- كُلٌّ منها يُعَبِّرُ عن حالةٍ خاصَّةٍ تختَلِفُ عن غيرِها في حالاتٍ أُخرى؛ فـلفظ (رَمقَ) يَدُلُّ على النَّظَرِ بالعينِ من جميعِ الاتِّجاهاتِ، و(لَحظَ) على النَّظَرِ من جانِبِ الأذُنِ، و(حَدجَ) مَعناه: نَظَر إليه نَظرةً شديدةً، و(شَفنَ) يَدُلُّ على نَظَرِ المُتَعَجِّبِ الكارِه، و(رَنَا) يفيدُ النَّظَرَ في سُكونٍ لمدَّةٍ طويلةٍ، ومِثلُ هذا كثيرٌ.
7- واضِعو المُعجَماتِ أخَذوا عن لَهَجاتِ قبائِلَ مُتعَدِّدةٍ يختَلِفُ بعضُها عن بعضٍ في مظاهِرِ مُفرداتِها، فمِمَّا ترتَّبَ على ذلك أنَّ المُعجَماتِ اشتَمَلت بداخِلِها على ألفاظٍ لم تكُنْ مُستَعمَلةً في لغةِ قُرَيشٍ.
8- الكثيرُ من مُفرَداتِ اللَّهَجاتِ العَرَبيَّةِ انتقَل إلى لهجةِ قُرَيشٍ، وذلك بسَبَبِ الاحتِكاكِ بينهما [278] يُنظر: ((المزهر في علوم اللغة وأنواعها)) للسيوطي (ص: 405)، ((الخصائص)) لابن جني (1/374)، ((فقه اللغة العربية وخصائصها)) لأميل يعقوب (ص: 176: 177)، ((فصول في فقه اللغة)) لعبد التواب (ص: 316: 321)، ((في اللهجات العربية)) لإبراهيم أنيس (ص: 183: 184)، ((علم اللغة)) لوافي (ص: 320)، ((محاضرات في مادة فقه اللغة)) الطيب رزقي (ص: 13). .

انظر أيضا: