موسوعة اللغة العربية

المَبحَثُ الأوَّلُ: النَّحتُ لُغةً واصطِلاحًا


أ- النَّحتُ في اللُّغةِ: هو: النَّشرُ والقَطْعُ؛ يُقالُ: نحَت النَّجَّارُ الخَشَبَ والعُودَ: إذا براه وهذَّب سُطوحَه، وكذلك أيضًا في الجِبالِ والحِجارةِ [197] يُنظر: ((جمهرة اللغة)) لابن دريد (1/ 387)، ((تهذيب اللغة)) للأزهري (4/ 255)، ((الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية)) للجوهري (1/ 268). .
ويُعَدُّ عبدُ اللهِ أمين أوَّلَ مَن أطلق تسميةَ الاشتقاقِ الكُبَّارِ على النَّحتِ؛ فيقولُ: "وقد أسمَيتُه الكُبَّارَ بالتَّثقيلِ؛ لأنَّ الكُبَّارَ أكبَرُ من الكُبَارِ بالتَّخفيفِ، والنَّحتُ أكبَرُ أقسامِ الاشتِقاقِ السَّابقةِ"، وتابَعَه صُبحي الصَّالح [198] يُنظر: ((الاشتقاق)) لعبد الله أمين (ص:391)، ((دراسات في فقه اللغة)) لصبحي الصالح (ص: 243). ، وجمهورُ العُلَماءِ يُطلِقُ عليه النَّحتَ [199] يُنظر: ((الصاحبي)) لابن فارس (ص: 209)، ((المزهر)) للسيوطي (1/ 371)، ((الاشتقاق والتعريب)) لعبد القادر المغربي (ص: 13)، ((فقه اللغة)) لعلي عبد الواحد وافي (ص: 144). .
ب- النَّحتُ في اصطلاحِ النَّحوِ وعِلمِ اللُّغةِ: هو أن تَقصِدَ إحدى الكَلِماتِ والجُمَلِ فتُكَوِّنَ من مَجموعِ حُروف هذه الكَلِمةِ أو كَلِماتِ تلك الجُملةِ كَلِمةً فريدةً تُعَبِّرُ عمَّا كان يَصِفُه هذا المجموعُ، ولمَّا كان هذا النَّزعُ يُشبِهُ النَّحتَ منَ الخَشَبِ والحِجارةِ سُمِّيَ نَحتًا [200] يُنظر: ((الاشتقاق والتعريب)) لعبد القادر المغربي (ص: 13). .
وعَرَّفَه الخَليلُ بنُ أحمَدَ بأنَّه: (أخذُ كلمةٍ من كلمَتَينِ مُتَعاقِبَتَينِ واشتِقاقُ فِعلٍ منهما) [201] ((العين)) للخليل (1/60). .
ولذلك يُعَدُّ النَّحويُّ العَرَبيُّ الخليلُ بنُ أحمَدَ الفراهيديُّ أوَّلَ عُلَماءِ اللُّغةِ اكتشافًا لِما يُسَمَّى ظاهِرةَ "النَّحتِ" في اللُّغةِ العَرَبيَّةِ، ونجِدُ هذا في قولِه: (إنَّ العينَ لا تَأتَلِفُ مع الحاءِ في كلمةٍ واحِدةٍ؛ لقُربِ مَخرَجَيهما، إلَّا أن يُشتَقَّ فِعلٌ من جَمعٍ بَينَ كلمَتَينِ؛ مِثلُ (حَيَّ على) كقَولِ الشَّاعِرِ [202] لم أقف على نسبة لهذا البيت، وأنشده الخليل في ((معجم العين)) (1/ 60)، والجوهري في ((الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية)) (5/ 1854). :
أَقُولُ لها وَدَمْعُ العَيْنِ جَارٍ
أَلَمْ يَحْزُنْكِ حَيْعَلَةُ المُنَادِي؟!
فهذه كَلِمةٌ جُمِعَت من (حَيَّ) ومن (على)، ونقولُ منه: حَيْعَل، يُحَيْعِلُ، حَيْعَلةً...) [203] ((العين)) للخليل (1/60)، ويُنظر: ((شرح المفصل)) لابن يعيش (4/ 634). .
فإذا ما انتقَلْنا إلى عُلَماءِ اللُّغةِ المُحْدَثين فإنَّ الدُّكتورَ نِهاد الموسى يعرِّفُ النَّحتَ بقَولِه: (هو بناءُ كلمةٍ جَديدةٍ من كلمَتَينِ أو أكثَرَ أو من جُملةٍ، بحيث تَكونُ الكَلِمتانِ أوِ الكَلِماتُ مُتَبايِنةً في المَعنى والصُّورةِ، وبِحيث تَكونُ الكَلِمةُ الجَديدةُ آخِذةً منها جَميعًا بَحظٍّ في اللَّفظِ، دالَّةً عليها جَميعًا في المَعنى) [204] ((النحت في اللغة العربية)) لنهاد الموسى (ص: 67). .
وتَعريفُ الدُّكتورِ نِهاد الموسى المَذكورُ هو أشمَلُ تَعريفٍ قد ذُكِر للنَّحتِ؛ إذ قام صاحِبُه بتعريفِه وشَمِل مجموعَ تعريفاتِ مَن سَبَقوه في تعريفِ النَّحتِ [205] يُنظر: ((فقه اللغات العروبية وخصائص العربية)) لخالد الشناوي (ص: 254: 262). .

انظر أيضا: