موسوعة اللغة العربية

المَبحَثُ الثَّالِثُ: ظاهِرةُ الإعرابِ في القُرآنِ الكَريمِ


إنَّ العَرَبَ قد قرَؤوا القرآنَ الكريمَ على أصلِه بالشَّكلِ وبالوَضعِ الذي نزَل به من عندِ اللهِ تعالى، وهذا إن دَلَّ فإنَّه يدُلُّ على سَعةِ عِلمِهم باللُّغةِ العَرَبيَّةِ الفُصحى، وإذا أرَدْنا أن نُثبِتَ هذا على تعدُّدِ أوجُهِ القرآنِ الكريمِ وحاجتِها إلى الإعرابِ المحدَّدِ على وَجهٍ مُعَيَّنٍ، فمن ذلك قَولُه تَعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر: 28] ، والمَعنى يَفرِضُ رَفعَ (العُلَماء) فاعِلًا، ونَصْبَ اسمِ الجِلالةِ مَفعولًا، فالمُرادُ هو حَصرُ الخَوفِ منَ اللهِ في العُلَماءِ.
ومن ذلك أيضًا: وُقوعُ اللَّبسِ في الآياتِ التي تَتَرَجَّحُ فواصِلُها بَينَ الرَّفعِ والخَفْضِ؛ قال تعالى: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ [البروج: 21-22] ، وهنا سؤالٌ مطروحٌ: هل القرآنُ الكريمُ محفوظٌ في لوحٍ، فهنا تكونُ الفاصلةُ مرفوعةً، أم أنَّ القرآنَ الكريمَ كائِنٌ في لوحٍ، فهنا تكونُ الفاصِلةُ مجرورةً؟ ولقد أكَّدَ القُرآنُ الكَريمُ فصاحةَ قُرَيشٍ في تَثبيتِ حَرَكاتِها الإعرابيَّةِ، وجاءَ القُرآنُ يُثبِتُ هذا، ويُخلِّدُه ويَحفَظُ عليه خَصائِصَه الصَّوتيَّةَ الموسيقيَّةَ [133] يُنظر: ((دراسات في فقه اللغة)) لصبحي صالح (ص: 119). .

انظر أيضا: