موسوعة اللغة العربية

المَبحَثُ الثَّاني: الفَرقُ بَينَ فِقْهِ اللُّغةِ وعِلمِ اللُّغةِ حَديثًا


قام العلماء المحدثون بالتفريق بَينَ المُصطَلَحَينِ، فجَعَلوا كُلَّ مُصطَلَحٍ تَندَرِجُ تَحتَه قضايا ومواضيع، فالأمرُ ليس فقط مُجَرَّدَ تَفرِقةٍ لَفظيَّةٍ، بَل تَفرِقةٌ تَخَصُّصيَّةٌ.
ففِقْهُ اللُّغةِ: يَختَصُّ بمُعالَجةِ قَضايا يَدورُ مِحورُها حَولَ لُغةٍ واحِدةٍ، أو مَجموعةٍ مُتَشابِهةٍ منَ اللُّغاتِ، وذلك من حيث: نَشأةُ اللُّغةِ، واللَّهَجاتُ المُتَفَرِّعةُ عنها، وأُصولُ تلك اللُّغةِ، ودَلالةُ ألفاظِها، وبِنيَتُها، والعَلاقةُ النَّحويَّةُ بَينَ مُفرَداتِها، وأساليبُها، وثَقافةُ تلك اللُّغةِ، وتاريخُها، وتَقاليدُها، والنِّتاجُ اللَّفظيُّ والأدبيُّ لها.
أمَّا "عِلمُ اللُّغةِ" فإنَّه يُعالجُ قَضايا اللُّغةِ مُجَرَّدةً عن الارتِباطِ بأيَّةِ لُغةٍ منَ اللُّغاتِ؛ فاللُّغةُ التي يَبحَثُ فيها هذا العِلمُ ليست هيَ اللُّغةَ العَربيَّةَ أوِ الإنجِليزيَّةَ أوِ الألمانيَّةَ، وإنَّما هيَ اللُّغةُ في ذاتِها، ومن أجْلِ ذاتِها [46] يُنظر: ((علم اللغة مقدمة للقارئ العربي)) لمحمود السعران (ص: 48)، ((الإنسان واللسان)) لحسن ظاظا (ص: 15). .
وبِذلك تَكونُ دائِرةُ فِقْهِ اللُّغةِ أضيَقَ وأعمَقَ؛ أضيَقَ لاقتِصارِها على لُغةٍ واحِدةٍ من لُغاتِ البَشَرِ، وأعمَقَ؛ لأنَّه يُرَكِّزُ كُلَّ اهتِمامِه على هذه اللُّغةِ، ويُعنى بها عِنايةً خاصَّةً من جَميعِ النَّواحي اللُّغَويَّةِ، وأمَّا دائِرةُ "عِلمِ اللُّغةِ" فأوسَعُ وأشمَلُ، ولَكِنَّها أقَلُّ عُمقًا؛ لأنَّه يُعالجُ هذه القَضايا بالنِّسبةِ للُّغاتِ على اختِلافِها واختِلافِ جِنسيَّاتِها، فيَكونُ بَيْنَهما عُمومٌ من ناحيةِ القَضايا، وخُصوصٌ من ناحيةِ اللُّغاتِ المَدروسةِ [47] يُنظر: ((الإنسان واللسان)) لحسن ظاظا (ص: 15-16). .

انظر أيضا: