موسوعة اللغة العربية

المَطلَبُ الثَّاني: تَعريفُه اصطِلاحًا


"فِقْهُ اللُّغةِ" مُصطَلَحٌ عَرَبيٌّ خالصٌ، لا يَعرِفُه الغَربيُّونَ في لُغاتِهم، وقد شَهِدَ استِعمالُه بَعضَ الغَموضِ في دَلالتِه، على نَحوِ ما يَبدو منَ المَعاني التي نُسِبَت إليه في تاريخِ استِعمالِه.
فمنهم مَنَ استَعمَله قاصِدًا به مُفرَداتِ اللُّغةِ وما يختَلفُ عليه من ظَواهِرَ، وما تَدُلُّ عليه من مَعانٍ، ورُبَّما أدخَلوا فيها التَّرادُفَ، والتَّضادَّ، والمُشتَرَكَ اللَّفظيَّ، والفُروقَ، وأنواعَ المَعاجِمِ. وبَعضُهم يُطلِقُ هذا الاسمَ على الدِّراسةِ المُقارِنةِ لِلُّغةِ العَربيَّةِ واللُّغاتِ العُرُوبِيَّة، (السَّاميَّةِ)، وبَعضُهم يُطلِقُ هذا الاسمَ على مُقارَنةِ الألفاظِ الفَصيحةِ وغَيرِ الفَصيحةِ، وبَعضُهم يُطلِقُه على دِراسةِ اللَّهَجاتِ العَربيَّةِ، كما أَطلقَه بَعضُهم على دِراسةِ الأصَواتِ، ولَعَلَّ أوَّلَ تَسجيلٍ لهذه التَّسميةِ كان في عُنوانِ أحمَدَ بنِ فارِس: ((الصَّاحِبي في فِقْهِ اللُّغةِ العَربيَّةِ)) [36] يُنظر: ((الأصول)) لتمام حسان (ص: 240: 241). .
اختَلَفَ الباحِثونَ في تَعريفِ فِقْهِ اللُّغةِ:
تنوعت تَعريفاتُ عُلَماءِ اللُّغةِ لتعريف "فِقْهِ اللُّغةِ" كُلٌّ حَسَبَ رُؤيَتِه لمَوضوعاتِ وقَضايا اللُّغةِ التي ييستطيع أن يَتَناولَها هذا الفَنُّ، ويُمكِنُ أن نَذكُرَ أهمَّ التَّعاريفِ الجامِعةِ لهذا المُصطَلَحِ، على النَّحوِ الآتي:
عَرَّفَه الدكتور رَمضان عَبد التَّوابِ: بأنَّه (العِلمُ الذي يُحاوِلُ الكَشفَ عن أسرارِ اللُّغةِ، والوُقوفَ على القَوانينِ التي تَسيرُ في حَياتِها، ومَعرِفةَ سِرِّ تَطَوُّرِها، ودِراسةَ ظَواهرِها المُختَلفةِ دِراسةً تاريخيَّةً من جانِبٍ، ووصفيَّةً من جانِبٍ آخَرَ) [37] ((فصول في فقه اللغة)) لرمضان عبد التواب (ص: 9). .
وقام بتعريفه الدكتور صُبحي الصَّالح: بأنَّه (منهجٌ للبَحثِ استِقرائيٌّ وصْفيٌّ يُعرَفُ به موطِنُ اللُّغةِ الأوَّلُ، وفَصيلَتُها، وعَلاقَتُها باللُّغاتِ المُجاوِرةِ أوِ البَعيدةِ، الشَّقيقةِ أوِ الأجنَبيَّةِ، وخَصائِصُ أصَواتِها، وأبنيةُ مُفرَداتِها وتَراكيبِها، وعَناصِرُ لهجاتِها، وَتَطوُّرُ دَلالَتِها، ومَدى نَمائِها قِراءةً وكِتابةً)  [38]((دراسات في فقه اللغة)) صبحي الصالح (ص: 21: 22). .
ويرى الدُّكتور تَمَّام حَسَّان أنَّ (مَوضوعَ فِقْهِ اللُّغةِ هو الكَلماتُ المُفرَدةُ، يَحصيها ويَتَكَلَّمُ في عَلاقةِ اللَّفظِ باللَّفظِ، وعَلاقةِ اللَّفظِ بالمَعنى، وعَلاقةِ اللَّفظِ بالاستِعمال) [39] ((الأصول)) لتمام حسان (ص: 240). . وتَندَرِجُ تَحتَ هذه العَلاقةِ المَوضوعاتُ الآتيةُ: (المُحاكاةُ، والمَعاجِمُ بأنواعِها المُختَلفةِ وما تَتَضَمَّنُه من ظَواهرَ دَلاليَّةٍ؛ كالتَّرادُفِ، والمُشتَرَكِ اللَّفظيِّ، والتَّضادِّ).
تَعريفٌ جامِعٌ: فِقْهُ اللُّغةِ هو العِلمُ الذي يُعنى بدِراسةِ قَضايا اللُّغةِ؛ من حيث أصَواتُها، ومُفرداتُها، وتَراكيبُها، وفي خَصائِصِها الصَّوتيَّةِ، والصَّرفيَّةِ، والنَّحويَّةِ، والدَّلاليَّةِ، وما يَطرَأُ عليها من تَغييراتٍ، وما يَنشَأُ من لهَجاتٍ، وما يُثارُ حَولَ العَرَبيَّةِ من قَضايا، وما تواجِهُه من مُشكِلاتٍ، إلى غَيرِ ذلك مِمَّا يَجري ويَدورُ في فلَكِه مِمَّا سيَأتي عِندَ الحَديثِ عن مَوضوعاتِ فِقْهِ اللُّغةِ.
ويُمكِنُ أن يُعرَّفَ تَعريفًا موجَزًا، فيُقالَ: هو العِلمُ الذي يُعنى بفَهمِ اللُّغةِ، ودِراسةِ قَضاياها، ومَوضوعاتِها [40] يُنظر: ((فقه اللغة – مفهومه – موضوعاته – قضاياه)) لمحمد بن إبراهيم الحمد (ص: 19، 20). .

انظر أيضا: