موسوعة اللغة العربية

المَطلَبُ الأوَّلُ: اختِلافُ العُلَماءِ في البَحثِ في نَشأةِ اللُّغةِ بَينَ مُؤَيِّدٍ ومُعارِضٍ


اللُّغةُ ظاهِرةٌ اجتِماعيَّةٌ تَتكوَّنُ -كما تتكوَّنُ غَيرُها- منَ الظَّواهرِ الاجتِماعيَّةِ، فتَنشأُ نتيجةَ طَبيعةِ الاجتِماعِ، وتَنبَعِثُ عنِ الحَياةِ الجَمعيَّةِ، وما تتطَلَّبُه هذه الحَياةُ من مطالِبَ؛ فنَشأةُ اللُّغةِ الإنسانيَّةِ من الأصلِ تَرجِعُ إلى المُجتَمَعِ نَفسِه، وإلى الحَياةِ الاجتِماعيَّةِ [2] يُنظر:)) علم اللغة)) لعلي عبد الواحد وافي (ص: 96). .
وقَدِ اختَلَفَ العُلَماءُ في البَحثِ في هذا المَوضوعِ -أي: نَشأةِ اللُّغةِ- بَينَ مُؤَيِّدٍ ومُعارِضٍ؛ فمنهم من رَأى عَدَمَ الفائِدةِ والجَدوى منه، ومن هؤُلاءِ منَ القُدامى تاجُ الدِّينِ السُّبكيُّ في كِتابِه ((رَفعُ الحاجِبِ))؛ حيث قال: (والصَّحيحُ عِندي أنَّه لا فائِدةَ لهذه المَسألةِ) [3] ((رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب)) للسبكي (ص: 444). . أمَّا المُحْدَثونَ فقالوا: ليس من الممكن للإنسانِ أن يَصِلَ في هذا المَوضوعِ إلى نَتيجةٍ يَستقر إليها المنهجُ "العِلميُّ"، وأن ما يُمكِنُنا الوُصولُ إليه لَن يَكونَ إلَّا ضَربًا منَ الاجتِهادِ لا يَخرُجُ عن حَيِّزِ التَّخمينِ أو الافتِراضِ، حتى إنَّ الجَمعيَّةَ اللُّغَويَّةَ في باريس قَرَّرَت سنةَ 1878م مَنْعَ تَقديمِ بُحُوثٍ عن هذا المَوضوعِ. ومع ذلك لم يَرفُضْ عَدَدٌ منَ اللُّغَويِّينَ المُحْدَثينَ البَحثَ في المَوضوعِ رَفضًا مُطلَقًا، بَل أفرَدَ له جُزءًا من أبحاثِه [4] يُنظر: ((فقه اللغة في الكتب العربية)) للراجحي (ص: 77). .

انظر أيضا: