موسوعة اللغة العربية

المَبْحَثُ الرَّابعَ عشَرَ: الفَرائِدُ


الفَرائِدُ: جمْعُ فَريدةٍ، وهِي الدُّرَّةُ العَظيمةُ الَّتي لا مَثيلَ لها [492] ينظر: ((التلخيص في معرفة أسماء الأشياء)) لأبي هلال العسكري (ص: 229)، ((مختار الصحاح)) للرازي (ص: 236). .
واصْطِلاحًا: "هو أنْ يأتيَ النَّاظِمُ أوِ النَّاثِرُ بلفْظةٍ فَصيحةٍ مِن كَلامِ العَربِ العَرْباءِ تَتنزَّلُ مِنَ الكَلامِ مَنْزِلةَ الفَرائِدِ مِنَ العِقْدِ، وتدُلُّ على فَصاحةِ المُتكلِّمِ بها، بحيثُ أنَّ تلك اللَّفْظةَ لو سقَطتْ مِنَ الكَلامِ لم يَسُدَّ غيرُها مَسدَّها" [493] ينظر: ((خزانة الأدب وغاية الأرب)) لابن حجة الحموي (2/ 297). .
فمنه قولُه تعالى: الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ [يوسف: 51] ؛ فكَلمةُ "حَصْحَصَ" لا يُشابِهُها ولا يُماثِلُها في مَوقعِها ومَعْناها غيرُها مِنَ الكَلِماتِ، ولِهذا لو غيَّرتَها بأخرى لم تَحسُنْ، فضْلًا عن كونِها فَصيحَةً جَزلةً.
وقولُه تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ [البقرة: 187] ؛ فكَلمةُ "الرَّفَثِ" عَربيَّةُ جَزلةٌ لا يَسُدُّ غيرُها مَسدَّها ممَّا هو قَريبٌ مِن مَعْناها.
وقولُه تعالى: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر: 19] ؛ ففي قولِه: خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ بَديعٌ لَفْظيٌّ في الإتْيانِ بهذه العِبارةِ، فكَلمةُ: "خائنة" فَصيحةٌ في غايةِ الفَصاحةِ، ألْبَستِ الآيةَ ثوْبًا مِنَ الرَّصانةِ والجَزالةِ اللُّغويَّةِ، فضْلًا عن جَمالِ المَعْنى وجَلالِه.
ومنه قولُ الشَّاعِرِ: الكامل
ومُبَرَّأٌ مِن كلِّ غُبَّرِ حَيْضةٍ
وفَسادِ مُرْضعةٍ وداءِ مُغِيلِ
فكَلمةُ "غُبَّر" بمَعْنى: بَقايا الحَيْضِ [494] ينظر: ((جمهرة اللغة)) لابن دريد (1/ 320)، ((الصحاح: تاج اللغة وصحاح العربية)) للجوهري (2/ 765). ، وكَلمةُ "مُغِيل"؛ يُقالُ: أغالَتِ المَرأةُ: إذا سَقَتْ ولَدَها اللَّبنَ وهِي حامِلٌ [495] ينظر: ((كتاب الألفاظ)) لابن السكيت (ص: 234)، ((تهذيب اللغة)) للأزهري (8/ 171). .
فكلُّ كَلمةٍ مِنَ الكَلمتَينِ لا تَجدُ ما يَقومُ مَقامَها في العَربيَّةِ، وهُما لفْظتانِ فَخْمتانِ فَصيحتانِ، تَدُلَّانِ على رَصانةِ الشَّاعرِ وقُدْرتِه على صَوْغِ المَعاني في أبْهى لفْظٍ [496] ينظر: ((الإتقان في علوم القرآن)) للسيوطي (3/ 319). .

انظر أيضا: