موسوعة اللغة العربية

المَبْحَثُ الثَّانِي والعِشْرُون: الإدْماجُ


هو: " أنْ يُضمِّنَ المُتكلِّمُ كَلامًا ساقه لمَعنًى مَعنًى آخَرَ، بشَرطِ ألَّا يُصَرِّحَ به، ولا يُشعِرَ في كَلامِه بأنَّه مَسوقٌ لأجْلِه". وهو أعمُّ مِن الاستتباعِ؛ مِن حيث إنَّه لا يَختَصُّ بالمدْحِ، بلْ يَشمَلُ جَميعَ الأغراضِ والمعاني.
كقَولِه تعالى: لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ [القصص: 70] ؛ فإنَّ سِياقَ الآيةِ جاء لإفْرادِ اللهِ تعالى بالحَمْدِ أبدًا، لكنَّها تَضمَّنتْ بلُطفٍ الإشارَةَ إلى البَعْثِ والنُّشورِ يومَ القِيامةِ.
وكقَولِه تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا [الأحقاف: 15] ؛ حيثُ جاء سِياقُ الآيةِ في بَيانِ فضْلِ الأمِّ وما تَكبَّدتْه في حَمْلِها ورَضاعِ ابْنِها، غيرَ أنَّ الآيةَ أشارَتْ في خَفاءٍ إلى أنَّ أقلَّ الحَمْلِ سِتَّةُ أشهُرٍ؛ وذلك عندَ الأخْذِ في الاعْتِبارِ أنَّ مُدَّةَ الفِطامِ عامانِ، يكونُ المُتبقِّي مِنَ الثَّلاثينَ شهْرًا سِتَّةَ أشهُرٍ فحسْبُ. والآيةُ لم تَنُصَّ على ذلك ولا أشْعَرتْ به.
ومنه أيضًا قولُ الصَّاحِبِ بنِ عَبَّادٍ في مدْحِ ابنِ العَميدِ الخفيف
إنَّ خيرَ المُدَّاحِ مَنْ مدَحتْهُ
شُعَراءُ البِلادِ في كلِّ نادِ
حيثُ ضمَّن الشَّاعرُ الفخْرَ بنفْسِه في بيتٍ صِيغَ لمدْحِ ابنِ العَميدِ وأنَّه أهْلٌ للمدْحِ، وأنَّ جَميعَ الشُّعراءِ قد مَدَحوه، لكنَّ قولَه: "شُعراءُ البِلادِ" يُشيرُ إلى أنَّ الصَّاحِبَ بنَ عبَّادٍ شاعِرُ بلَدِه المُقدَّمُ.
ومنه قولُ ابنِ نُباتَةَ: الطويل
ولا بدَّ لي مِن جَهْلةٍ في وِصالِه
فمَنْ لي بِخِلٍّ أُودِعُ الحِلْمَ عندَه
فإنَّه ضمَّنَ الغَزلَ الفخْرَ بكونِه حَليمًا [449] ينظر: ((أنوار الربيع في أنواع البديع)) لابن معصوم (6/279)، ((بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة)) لعبد المتعال الصعيدي (4/ 625). .

انظر أيضا: