موسوعة اللغة العربية

المَبْحَثُ التَّاسعَ عشَرَ: تَأكيدُ الذَّمِّ بما يُشبِهُ المدْحَ


هو عكْسُ الفَصْلِ السَّابِقِ، فهُو: "أنْ يُبالِغَ المُتكلِّمُ في الذَّمِّ، فيَعمِدَ إلى الإتْيانِ بعِبارةٍ يَتوهَّمُ السَّامِعُ منْها في بادئِ الأمرِ أنَّه مدْحٌ، فإذا هو ذمٌّ مُؤكَّدٌ".
وهُو نَوعانِ:
1- أنْ يُؤتَى بصِفةِ مدْحٍ مَنْفيةٍ عنِ الشَّيءِ، ثمَّ يُسْتثنَى منْها صِفةُ ذمٍّ بتَقديرِ دُخولِها فيها:
كقولِ الشَّاعِرِ: مخلع البسيط
خلا مِنَ الفضْلِ غيرَ أنِّي
أراهُ في الحُمْقِ لا يُجارَى
فنفَى الشَّاعرُ عنِ الرَّجُلِ كلَّ فضْلٍ، ثمَّ اسْتَثنى فأوْهَم أنَّه يُثبِتُ له شيئًا مِنَ الفضْلِ الَّذي نَفاه عنه مِن قبلُ، لكنَّه أتى بصِفةِ ذمٍّ أخْرى، وهِي أنَّه في قِمَّةِ الحُمْقِ.
وتقولُ: فُلانٌ لا خيرَ فيه إلَّا أنَّه يَسرِقُ؛ فأوْهَم الاسْتِثناءُ أوَّلًا أنَّك تُثبِتُ له بعضَ الخيرِ، لكنَّك أتَيتَ له بصِفةِ ذمٍّ أخْرى، وهِي السَّرقةُ.
2- أنْ يُؤتى بصِفةِ ذمٍّ مُثبَتةٍ، ثمَّ يُؤتى بأدَاةِ اسْتِثناءٍ وبعدَها صِفةُ ذمٍّ أخرى:
كقولِك: فُلانٌ جاهِلٌ إلَّا أنَّه فاسِقٌ؛ فتُثبِتُ له صِفةَ الجهْلِ، ثمَّ تَسْتثني فيَتوهَّمُ السَّامِعُ أنَّك تذكُرُ له صِفةَ مدْحٍ تُخالِفُ الذَّمَّ الأوَّلَ، لكنَّك تَزيدُ فتَذكُرُ صِفةَ ذمٍّ أخرى، وهِي الفِسْقُ.
ومنه قولُ الشَّاعِرِ: المتقارب
لَئيمُ الطِّباعِ سِوى أنَّه
جَبانٌ يَهونُ عليه الهَوانْ
فوصَم الشَّاعرُ المَهْجُوَّ بأنَّه لَئيمُ الطَّبْعِ، ثمَّ اسْتَثنى فذكَر صِفةً أخْرى مِن صِفاتِ الذَّمِّ، وهِي أنَّه جَبانٌ يَرضى بالذُّلِّ والهَوانِ [446] ينظر: ((جواهر البلاغة)) للهاشمي (ص: 314)، ((بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة)) لعبد المتعال الصعيدي (4/ 624). .

انظر أيضا: