موسوعة اللغة العربية

الفَرْعُ الثَّالثُ: فِعلُ الأمرِ

فِعلُ الأمرِ مَبْنيٌّ دائمًا، وله أربعُ حالاتٍ:
1- البناءُ على السُّكونِ؛
وذلك إذا كان الفِعْلُ صحيحَ الآخِر، ولم يتَّصِلْ بآخِرِه واوُ الجماعةِ، أو ألفُ الاثنينِ، أو ياءُ المُخاطَبةِ، أو نونُ التوكيدِ بنَوعَيْها (الثَّقيلة والخَفيفة)، نحوُ قَولِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «احْرِصْ على ما ينْفَعُك، واستعِنْ بالله ولا تَعجِزْ » أخرجه مسلم (2664) مطولاً من حديث أبي هُرَيرة رَضِيَ اللهُ عنه. ، فكَلِمَتا (احرِصْ، استَعِنْ) كلاهما فِعلُ أمرٍ مَبْنيٌّ على السُّكونِ، ويُبْنى فِعلُ الأمرِ كذلك على السُّكونِ إذا اتصل به نونُ الإناثِ، مثل: اصبِرْنَ، اعلَمْنَ. 
2- البناءُ على حذْفِ حَرفِ العِلَّةِ؛ وذلك إذا كان الفِعْل مُعْتلَّ الآخِر، سواءٌ كان ألفًا أم واوًا أم ياءً، ويتحَرَّكُ الحَرفُ قَبلَه بحركةٍ تدُلُّ على المحذوفِ؛ فإن كان ألفًا فُتِح ما قَبْلَه، وإن كان ياءً كسَرْنا ما قبلها، وإن كان واوًا ضَمَمْنا ما قَبْلَها؛ كقَولِه تعالى: وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ [التوبة: 18] ، وقَولِه تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ [يوسف: 90] ، وقَولِه تعالى: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ [المؤمنون: 117] ؛ فإنَّ: (يَخْشَ، يَتَّقِ، يَدْعُ) فِعلٌ مُضارعٌ مجزومٌ، وعَلامةُ جَزمِه حَذفُ حَرفِ العِلَّةِ.ولا يَثبُتُ حَرفُ العِلَّةِ في الجَزمِ إلَّا في الضَّرورةِ  الشِّعريةِ لإقامةِ الوزنِ فحَسْبُ، كقَولِ الشَّاعِر:
إذا العَجوزُ غَضِبَتْ فطَلِّقِ
ولا تَرَضَّاها ولا تَمَلَّقِ
بإثباتِ ألف "تَرَضَّاها" وهي مجزومةٌ بعد لا الناهيةِ. ومنه قَولُ الشَّاعِرِ:
ألم يَأْتِيك والأنباءُ تَنْمِي
بما لاقتْ لَبُونُ بَنِي زِيادِ
بإثباتِ ياءِ "يأتيك" بعد (لم) الجازِمةِ.
وقَولِ الشَّاعِرِ:
هَجَوْتَ زَبَّانَ ثمَّ جِئتَ مُعتَذِرًا
من هَجْوِ زَبَّانَ لم تَهْجُو ولم تَدَعِ
بإثباتِ واوِ "تهجو" بعْدَ لَم الجازمةِ أيضًا. وهذا كُلُّه لا يجوزُ إلَّا في الضَّرورةِ الشِّعْريَّةِ يُنظَر: ((شرح التسهيل)) لابن مالك (1/ 55)، ((التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل)) لأبي حيان (1/ 206). .
3- البِناءُ على حذْفِ النُّونِ؛ وذلك عند اتِّصالِ الفِعْلِ بألِفِ الاثنينِ، أو ياءِ المخاطَبةِ، أو واوِ الجَماعةِ؛ تَقولُ: ذاكِروا دُروسَكم، وذاكِرا دُروسَكما، وذاكِري دُروسَكِ؛ فالفِعْلُ (ذاكِروا - ذاكِرا - ذاكِري) في الأمثِلةِ الثَّلاثةِ فِعلُ أمرٍ مَبْنيٌّ على حذْفِ النُّونِ؛ لاتِّصالهِ بألِفِ الاثنينِ، أو ياءِ المخاطَبةِ، أو واوِ الجَماعةِ، فالأمرُ يُبنَى على ما يُجزَمُ به مُضارِعُه.
4- البِناءُ على الفَتحِ؛ وذلك إذا اتَّصَلت به نونُ التوكيدِ (الخفيفةُ والثَّقيلةُ)، مِثلُ: اكْتُبَنْ، اكْتُبَنَّ.والقاعِدةُ في بِناءِ فِعلِ الأمرِ أنَّه: «يُبنى على ما يُجزَمُ به مضارِعُه»؛ فإذا كان المضارِعُ يُجزَمُ بالسُّكونِ، كان الأمرُ منه مَبْنيًّا على السُّكونِ، وإذا كان المضارعُ مجزومًا بحَذفِ حَرفِ العِلَّةِ، كان الأمرُ مَبْنيًّا على حَذفِ حَرفِ العِلَّةِ كذلك، وهكذا.
ويُبْنى فِعلُ الأمرِ كذلك على السُّكونِ إذا اتصل به نونُ الإناثِ، مثل: اصبِرْنَ، اعلَمْنَ.

انظر أيضا: